متحف وجوه سعاد. "السندريلا التي حملت على وجهها كل نساء مصر”

في ذكرى رحيلها… رحلة داخل قاعة المرايا التي كانتها سعاد حسني..
في حياة كل فنان، لحظة يتحوّل فيها من مجرد موهبة، إلى رمز.
وسعاد حسني لم تكن مجرد ممثلة بارعة، بل كانت حالة إنسانية نادرة،
صعبة التعريف، مستحيلة التكرار، شديدة الحضور حتى بعد الغياب.
لكن، لو قررنا أن نصنع لها متحفًا…
فهل نعرض فيه فساتينها؟ سيناريوهات أفلامها؟ صورها؟
أم نعرض ما هو أعمق: الوجوه التي عاشت داخلها، وسكنت فينا من خلالها؟
من هي سعاد؟
في كل فيلم، كانت امرأة جديدة.
وفي كل امرأة، كان هناك شيء من سعاد…
وفي كل مشهد، كانت تترك ظل قلبها، وتُخفي وجهها الحقيقي.
• في أميرة حبي أنا كانت الحبيبة الناضجة التي تفهم قبل أن تُحب.
• في خلي بالك من زوزو كانت الطفلة التي تحاول أن تبدو قوية وهي ترقص في قلبها.
• في شفيقة ومتولي كانت التي صدّقت الكلمة، ودفعت العمر.
• في بئر الحرمان كانت الجريحة بصمت، التي يصرخ داخلها صوتان.
• في الكرنك كانت البنت التي تمثّل جيلًا بأكمله… انكسر ثم نهض.
• وفي إشاعة حب، كانت المرحة، الخفيفة، التي تبحث عن دفء في زمن بارد.
من منهن كانت سعاد الحقيقية؟
هل كانت أيًّا منهن؟ أم كلهن؟
أم أن سعاد كانت استعارة لكل امرأة عرفَت الحب، والخذلان، والتمرد، والسُكون؟

المتحف الذي لا يُبنى بالحجارة
تخيّلوا متحفًا…
ليس فيه لوحات فقط، بل مشاهد حيّة من أفلامها.
غرف تمثّل وجوهها: غرفة للبنت الحالمة، غرفة للمجروحة، غرفة للعاشقة، غرفة للمنكسرة، غرفة للمتمردة… وغرفة للأم، والأخت، والطفلة، والست المصرية بصورتها الكاملة.
في هذا المتحف، لا تُعرض الأشياء…
بل تُعرض الحالات.
نقف أمامها، ونسأل أنفسنا:
“هل هذه سعاد؟ أم أنا؟”
سعاد لم تكن فقط سندريلا الشاشة،
بل كانت فتاة الوطن الحائرة، الواثقة، المحبة، المنكسرة، والمشتاقة.
هي التي غنّت “الدنيا ربيع”، وبكت في “بئر الحرمان”.
هي التي مثّلت ١٠٠ وجه… وكل وجه كان “حقيقي”.
نتخيل متحفًا فنيًا–عاطفيًا–ثقافيًا،
يتجوّل فيه القارئ ما بين “غرف الوجوه”، وكل غرفة تمثّل شخصية نسائية خلدتها سعاد في فيلم، أو حالة روحية خاصة.

أقسام المتحف:
1. قاعة: البنت اللي بتحلم – (أميرة، زوزو، سميحة)
• أميرة حبي أنا، خلي بالك من زوزو، صغيرة على الحب
• شخصيات بتمثل: الست اللي عندها طموح وحلم وبهجة… بس المجتمع بيكتمها أو يهاجمها.
• مزيج بين العفوية والتمرد، الطفولة والإصرار.
“في قاعة الحلم، سعاد كانت البنت اللي عايزة تبقى حاجة… مش زي ما هما عايزين.”

2. قاعة: البنت اللي اتكسرت – (ناهد، سحر، شفيقة)
• بئر الحرمان، الكرنك، شفيقة ومتولي
• شخصيات بتمثل: الست اللي اتخذلِت… من أهلها، من الراجل، من النظام، من الدنيا.
• فيها الانقسام، الصدمة، والوجع العميق اللي مش دايمًا ليه كلام.
“دي القاعة اللي فيها الدموع مش بتتقال… بتتشاف في العين، في الانسحاب، في الصوت الواطي.”
3. قاعة: الست اللي بتحب – (ناهد، ليلى)
• لحب الضائع، أين عقلي
• شخصيات بتمثل: الست العاشقة اللي بتحب بكل كيانها… حتى وهي عارفة إن النهاية مش سعيدة.
• حبها مش ساذج… لكنه صادق، عميق، مؤلم.
“الحب عند سعاد مش رومانسية… الحب اختبار للروح، وللقوة.”

4. قاعة: المقاومة – (فاطمة)
• الزوجة الثانية، غروب وشروق، الكرنك
• شخصيات بتمثل: الست اللي بتقول لأ… اللي بتقاوم مهما كانت بسيطة.
• فيها الوعي، والصلابة، والمقاومة اللي ناعمة لكن عنيدة.
“سعاد في القاعة دي كانت وش مصر اللي بيقول لأ، بس بعين بتدمع.”
كل واحدة منهن… هي.
وكل واحدة منهن… نحن.

رسالة إلى البنات:
في ذكرى رحيل سعاد حسني، لا نكتب رثاء، بل نكتب اعترافًا:
سعاد لم تكن مجرد فنانة، كانت مرآة،
وكل بنت مرّت بلحظة ضعف، أو فرحة مؤجلة، أو شوق لا يُقال،
رأت نفسها في مشهد، أو دمعة، أو ضحكة من ضحكاتها الطفولية.
سعاد ليست مجرد نجمة في سماء الأبيض والأسود…
سعاد كانت لوحة فيها ألوان الحُب، والخوف، والفرح، والوحدة، والأمل.
سؤال في المتحف:
من تكونين أنتِ؟
زوزو؟ أميرة؟ نوال؟ فاطمة؟
من بين كل وجوه سعاد… أي وجه يشبهك؟
أو هل مثلك… تكونين كل النساء في جسد واحد؟
ربما لذلك…
لم نعرف سعاد حقًا.
وربما لذلك… أحببناها كما لم نحب غيرها أبدًا.