فاجأت إسرائيل العالم بضربة دقيقة وسريعة، أربكت حسابات طهران، فضحت هشاشة "الوحش الشيعي" الذي طالما رُوِّج له كفزاعة الشرق الأوسط.
جاءت الضربة على طريقة رواية باولو كويلهو "١١ دقيقة" لم تكن غرامية كالرواية، بل ضربة استخباراتية-تكنولوجية قاسية أطاحت بعدد من العقول النووية والعسكرية الإيرانية في دقائق..

طهران كانت مضطرة للرد، ليس لأن توازن القوى يسمح بذلك، بل لأن استحقاقات الكرامة والهيبة تفرض مسرحية من نوعٍ ما.
نظام الملالي الذي طالما صدّر نفسه كقوة إقليمية مخيفة، تم "إخصاؤه" جهارًا.
لا بد من ردٍّ، أي رد، يُحفظ به ماء الوجه أمام الداخل، ويُعيد تركيب صورة الهيبة في الخارج، ولو بشكل رمزي، دون تحمل تكلفة باهظة من رد فعل أمريكي عنيف.

ببساطة، ما زال لنظام الملالي دورٌ لم ينته بعد في السيناريو الأمريكي.
ويمكن رصد هذا "الدور المتبقي" في عدة جوانب:

 

1. موازنة القوى الإقليمية:


تُبقي واشنطن على إيران كـ"لاعب فوضوي يمكن استخدامه"، يوازن تمدد بعض القوى، ويتحكم في بعض ملفات النزاع المستعصية، في العراق وسوريا واليمن.

 

2. مبرر للبقاء العسكري:


حتى في حالتها "المنزوعة الأنياب"، لا تزال إيران تشكل تهديدًا مثاليًا لتبرير بقاء القواعد الأمريكية، وحماية الحلفاء، ومراكز الطاقة.

خلال الأيام الماضية، عشنا فصولًا لمسرحية سياسية-عسكرية محبوكة بعناية.
بدأت بـ"إيران المجروحة"، وانتهت بـ"إسرائيل المذهولة"، وتخللتها زخات من الصواريخ التي عبرت الفضاء في استعراض أكثر منه حرب، انتهت بضربة أمريكية حاسمة.

كالعادة، في منطقتنا الحالمة وجمهورها العاطفي مدفوعا بسذاجته وقابليته للاستهواء الديني، تصاعدت الآمال، رفرفت الأحلام، وتوقع البعض زوال تل أبيب، وبداية نهاية الهيمنة الأمريكية!
لكن..
كما قال المغني الشعبي شعبان عبد الرحيم: "بس خلاص".
انتهى العرض فجأة، توقفت الضربات فجأة.
لا حرب، ولا نهاية.. بل استئناف لمسرحية الموازنات الكبرى.

أمريكا سمحت لنظام الملالي بالبقاء.
لكن دون أنياب نووية.
نظام الملالي أثبت قدرته على الطاعة..
نسوا أو تناسوا غزة التي كانوا يتشدقون بها، وتباكون على أهلها..
ارتضت طهران أن تلعب دور "الوحش المرعب، والأليف".
وحش يثير الفوضى عندما يُطلب منه، ثم يعود إلى القفص في الوقت المناسب.
هل تغير شيء؟
لا.
ما زالت اللعبة مستمرة.
وما زلنا، كالعادة، في مقاعد المتفرجين.
في انتظار مسرحية جديدة لنهلل ونصفق ونتمنى، ثم ننسى.

أتمنى السلام..
أتمنى أن نعي في مصر مصالحنا وأن نضعها في المرتبة الأولى من اهتماماتنا..
أتمنى أن يسود التفكير الناقد الحر القادر على الفرز والاختيار غير القابل للاستهواء.

تم نسخ الرابط