حكاوي زمان| ميادة الحناوي.. من اكتشاف عبد الوهاب إلى قرار الترحيل‎

ميادة الحناوي
ميادة الحناوي

رغم مرور السنين، وتغير الملامح، وتطور الحياة، يفضل القلب أن يظل معلقاً بتلك الأيام التي رحلت، بزمن كانت فيه البساطة عنواناً، وكانت الضحكة طالعة من القلب، وكانت حكايات الفن تروى على مهل، وتصنع بصدق، نشتاق لتلك الأيام وكأنها الوطن، نسترجعها في الأغاني القديمة، في مشاهد الأبيض والأسود، وفي حكايات النجوم الذين رحلوا بالجسد، وبقوا في الذاكرة.

ومن هذا الحنين الجميل، قررت "وشوشة" أن تأخذكم كل يوم في رحلة إلى زمن الطرب الأصيل والدراما الحقيقية، من خلال سلسلة "حكاوي زمان" التي نفتح فيها دفاتر الفن الجميل، ونستعرض خلالها كواليس ونجاحات ومآسي وذكريات منسية، عن نجوم صنعوا مجد الفن.

حكاية اليوم : 

نبدأ حكاية اليوم مع واحدة من أجمل الأصوات التي خطفت القلوب بصوتها الهادئ العذب وحضورها الشرقي الآسر، إنها الفنانة السورية ميادة الحناوي، التي استطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً في ذاكرة الفن، بعد أن اكتشفها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب خلال إحدى سهراته الصيفية في مصيف بلودان بسوريا، حين استمع لصوتها صدفة، وأعجب به بشدة.

كانت ميادة حينها متزوجة من أحد وزراء سوريا، ما جعلها تتردد في اتخاذ خطوة احتراف الغناء، إلا أنها، وبعد موافقة زوجها، جاءت إلى مصر برفقة شقيقها عثمان الحناوي، حيث استقبلها عبد الوهاب بحفاوة، وبدأ في تجهيز ألحان خاصة لها، تمهيداً لانطلاقتها الفنية من القاهرة.

ٲقامت ميادة في مصر لمدة عامين، خضعت خلالهما لبروفات وتحضيرات مكثفة برعاية عبد الوهاب، إلى أن جاء موعد إعلانها رسمياً كاكتشافه الجديد، من خلال حفل غنت فيه أغنيات مثل "ودارت الأيام" و"لسه فاكر"، لتحقق نجاحاً كبيراً وتلفت الأنظار كصوت صاعد بقوة.

لكن المفاجأة جاءت سريعاً، حيث صرحت ميادة لاحقاً أن زوجة عبد الوهاب، السيدة نهلة القدسي، شعرت بغيرة من اهتمام زوجها الشديد بها، وتسببت في إصدار قرار بترحيلها من مصر، بعد أن طلبت ذلك من وزير الداخلية آنذاك، اللواء محمد النبوي إسماعيل.

وفقاً لرواية ميادة، تم اقتيادها من شقتها في الزمالك بواسطة ضابطين إلى المطار، حيث تم ترحيلها ومنعها من دخول مصر لمدة 13 عاماً كاملة، ولم تعد إلا بعد وفاة عبد الوهاب.

وروت ميادة أن الفنانة فايزة أحمد، التي كانت تجمعها بها علاقة صداقة قوية، حاولت التدخل لمنع قرار ترحيلها من مصر، إلا أن محاولاتها لم تكلل بالنجاح، وبعد مغادرتها القاهرة، انتقلت ميادة إلى لبنان، حيث واجهت ظروفاً قاسية بسبب اندلاع الحرب الأهلية، ووصفت تلك المرحلة بأنها الأصعب في حياتها.

واعتبرت ميادة أن أكثر ما أصابها بالحزن، هو فقدانها لأغنية "في يوم وليلة" التي كان عبد الوهاب يحضرها لها، لكنها فوجئت فيما بعد بأنها قدمت إلى الفنانة وردة الجزائرية، ما شكل لها صدمة كبيرة لم تستطع تجاوزها لسنوات.

ورغم هذه المحطة المؤلمة، لم تتوقف ميادة عن الغناء، واستمرت في مسيرتها الفنية من خارج مصر، إلى أن عادت إليها لاحقاً نجمة كبيرة، نالت احترام وتقدير الوسط الفني، وبقي صوتها حاضراً في ذاكرة الطرب الأصيل.

تم نسخ الرابط