هز السينما.. كواليس لا تعرفها عن فيلم "ظهور الإسلام"‎

فيلم ظهور الإسلام
فيلم ظهور الإسلام

في مثل هذا اليوم من عام 1951، شهدت دور العرض أول عرض لفيلم “ظهور الإسلام”، أول فيلم ديني مصري يناقش بدايات الدعوة الإسلامية ويجسد حياة العرب قبل نزول الوحي، ليكون علامة فارقة في تاريخ السينما. 

 

ومع مرور السنين، لا تزال كواليس الفيلم وأحداثه المثيرة تثير فضول الكثيرين، لما تضمنه من صراعات فكرية، ومفاجآت فنية، وأولويات تاريخية لم تتكرر.

 

وفي هذا التقرير، نرصد لكم أبرز كواليس وأسرار فيلم "ظهور الإسلام" الذي جمع بين الدين والدراما والصراع الفكري.

 

قصة مستوحاة من "الوعد الحق"

يعد فيلم "ظهور الإسلام" علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية، وهو مأخوذ عن قصة "الوعد الحق" لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الفيلم يحكي بأسلوب درامي مشوق عن بداية الدعوة الإسلامية، وينقل تفاصيل الحياة في جزيرة العرب قبل الإسلام، حيث كانت الأصنام تعبد، وكان الجهل والفساد يعمان المجتمع.

 

واختارت الشركة المنتجة للفيلم عرضه في شهر رمضان مع إطلاق حملة دعاية واسعة وقد ساهم توقيت العرض في إقبال جماهيري كبير، خاصة أن الجمهور كان متعطشا لمحتوى ديني هادف يتماشى مع روح الشهر الكريم.

 

كما شارك في الفيلم عدد من نجوم السينما في ذلك الوقت، مثل عماد حمدي، عباس فارس، توفيق الدقن، وسراج منير، ما أعطى للفيلم ثقلا فنيا إلى جانب قيمته الدينية وتميز العمل بجودة الإنتاج وإخراج إبراهيم عز الدين في أول تجربة له خلف الكاميرا.

 

أول وزير يشارك في فيلم سينمائي وموافقة ملكية 

في مشهد افتتاحي استثنائي، ظهر الدكتور طه حسين على الشاشة في لقطة تجاوزت الثلاث دقائق، جالسا أمام الكاميرا ليروي قصة الفيلم بأسلوبه الفريد، مشيدا بجماليات العمل ويعد هذا الظهور سابقة فريدة في تاريخ السينما المصرية، حيث كان طه حسين يشغل منصب وزير المعارف وقتها، ليصبح أول وزير مصري يشارك رسميا في تمثيل فيلم سينمائي.

 

ومن المفارقات اللافتة خلال إنتاج فيلم "ظهور الإسلام"، أن الدكتور طه حسين، مؤلف القصة الأصلية "الوعد الحق"، أصر على نيل موافقة رسمية من "الملك فاروق حاكم البلاد في ذلك الوقت " قبل تحويل القصة إلى عمل سينمائي لم يكتفي الملك بالموافقة فقط، بل قدم دعمه وشجع الفكرة، وفي تلك الفترة حصل طه حسين على لقب "الباشا".

 

خلاف فكري بين طه حسين والمخرج بعد عرض الفيلم

لم تخل كواليس “ظهور الإسلام” من التوتر، فبعد نجاح الفيلم جماهيريا اندلع نزاع حاد بين الدكتور طه حسين مؤلف القصة وكاتب الحوار والمخرج والمنتج إبراهيم عز الدين.

 

طه حسين، الذي كان قد خرج لتوه من أزمة مع الأزهر بسبب كتابه "الشعر الجاهلي"، اعتبر أن مشاركته وظهوره بالفيلم كانا سببا رئيسيا في نجاحه، مطالبا بحصة أكبر من الأرباح.

 

لكن عز الدين رفض، مستندا إلى اتفاق مسبق بين الطرفين ولم يكتفي بذلك، بل أنكر أن الفيلم مستوحى من كتاب "الوعد الحق"، مدعيا أنه مأخوذ من مصادر تاريخية متعددة.

 

إلا أن العقد المبرم بين الطرفين نص صراحة على أن القصة مأخوذة عن كتاب طه حسين بموافقته الخلاف تطور إلى ساحة القضاء، ليصبح من أوائل قضايا الملكية الفكرية التي أثارت جدلا واسعا في الوسط الثقافي والفني.

 

طه حسين ينتصر قضائيا

انتهى النزاع القضائي بين طه حسين والمخرج إبراهيم عز الدين بانتصار حاسم لعميد الأدب العربي وتولى الدفاع عنه المحاميان الكبيران محمد زهير جرانة وألفونس الألفي، وتمكنا من إثبات أحقيته القانونية في الحصول على نصيبه من أرباح فيلم "ظهور الإسلام".

 

ومن العوائد المالية التي حصل عليها، اشترى طه حسين قطعة أرض كانت مملوكة للفنان يوسف وهبي، وبنى عليها "فيلا رامتان" التي أصبحت لاحقا بيته ومقر إقامته الدائم حتى وفاته، لتتحول هذه الفيلا إلى جزء من تاريخه الشخصي والثقافي.

تم نسخ الرابط