في يوم ميلاده.. خيري بشارة مخرج الواقعية الذي أنصف المرأة على الشاشة

يحتفل المخرج الكبير خيري بشارة اليوم الإثنين بعيد ميلاده، وهو أحد أبرز المبدعين الذين قدّموا المرأة المصرية بصورتها الحقيقية على الشاشة، بعيدًا عن التنميط والتجميل الزائف.
وضع المرأة في صلب مشروعه السينمائي، وفتح نوافذ لعرض معاناتها وكفاحها، لتصبح بطلاته مرآة للواقع الاجتماعي والثقافي المصري.
"الطوق والإسورة" صورة قاتمة لواقع المرأة في الصعيد
في عام 1986، قدّم خيري بشارة واحدًا من أهم أعماله وأكثرها جرأة في تناول أوضاع المرأة المهمشة، من خلال فيلم "الطوق والإسورة".
استند الفيلم إلى رواية يحيى الطاهر عبد الله، ونجح في رسم صورة مأساوية لإمرأة صعيدية مسحوقة تحت وطأة الفقر والعادات، تجاهد من أجل حماية ابنتها في مجتمع مغلق.
هذا الفيلم علامة فارقة في السينما الواقعية، واختير ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
"يوم حلو.. يوم مر" يوميات امرأة تواجه الحياة وحدها
واصل بشارة تقديم رؤيته الاجتماعية عن المرأة من خلال فيلم "يوم حلو.. يوم مر" عام 1988، الذي جسّدت بطولته الفنانة الكبيرة فاتن حمامة.
تدور القصة حول أرملة تكافح لتربية أبنائها في حي شبرا الشعبي، وسط واقع صعب وقاسٍ.
الفيلم يتعامل بحساسية شديدة مع تفاصيل الحياة اليومية لإمرأة عادية، لا تمتلك ترف الحلم، بل تكتفي بالصبر والمواجهة.
نساء في أفلام شبابية منها الحرية والتمرد
حتى في أعماله التي تبدو شبابية أو خفيفة، مثل "كابوريا" و"آيس كريم في جليم" و"حرب الفراولة"، لم يُغفل خيري بشارة حضور المرأة، فبطلات هذه الأفلام، وإن كنّ جزءًا من عالم موسيقي أو فني، إلا أنهن مثّلن المرأة الباحثة عن ذاتها، وعن الحب الحقيقي، والحرية، في ظل منظومة اجتماعية تضع أمامها القيود والعراقيل.
قضايا المرأة في الدراما التلفزيونية
مع تحوله إلى الإخراج التلفزيوني مطلع الألفية، حافظ خيري بشارة على اهتمامه بقضايا المرأة، حيث قدّم مسلسلات مثل "مسألة مبدأ"، و"قلب حبيبة"، و"ريش نعام"، التي ركزت على النساء في مواقع الصراع بين القيم التقليدية والواقع المتغير، كذلك أخرج حلقات من مسلسل "ذات" المأخوذ عن رواية صنع الله إبراهيم، والذي يُعد من أبرز الأعمال النسوية في الدراما العربية.
رؤية إنسانية للمرأة.. الأم والحبيبة والابنة
لم يكن اهتمام خيري بشارة بالمرأة وليد حسابات تجارية أو موضة فنية، بل كان نابعا من موقف إنساني صادق، حيث صرّح في أحد لقاءاته قائلا: "أقدّس المرأة بشكل مخيف، أراها أمي وحبيبتي وابنتي وأختي وحفيدتي".
هذا التقدير العميق انعكس بوضوح في أفلامه، التي صوّرت المرأة باعتبارها كيانًا مستقلًا، معقدًا، قويًا وضعيفًا في آن، تستحق الاحترام والاهتمام لا الشفقة أو التجاهل.