في ذكرى ميلادها.. بمبة كشر "سبقت زمانها ورقصت للملوك والسلاطين"!

الراقصة بمبة كشر
الراقصة بمبة كشر

نعود بالزمن إلى واحدة من أبرز أيقونات الفن في مصر خلال القرن التاسع عشر، سيدة تحدت الأعراف وتجاوزت التقاليد، لتصنع لنفسها اسمًا لامعًا في سماء الرقص الشرقي والغناء الشعبي

 إنها بمبة كشر، الراقصة والمطربة التي لقبت بـ"ست الكل" و"راقصة الملوك والسلاطين"، والتي عُرفت بأسلوبها الفريد، وزيجاتها المتعددة، ومكانتها المميزة كامرأة جريئة في زمن كان لا يرحم النساء المختلفات.

في إطار ذلك، نرصد أبرز محطات بمبة كشر تزامنًا مع ذكرى ميلادها:

 

النشأة والنسب العريق

ولدت بمبة أحمد مصطفى كشر في 22 مايو عام 1860 في القاهرة، لعائلة من أصول عريقة وثرية، كان والدها من مشاهير قرّاء القرآن، أما والدتها فتنتمي إلى سلالة مملوكية عريقة تعود جذورها إلى السلطان الأشرف إينال.

 عاشت بمبة حياة مترفة في طفولتها، لكنها اصطدمت بواقع مؤلم بعد وفاة والدها وهي في الرابعة عشرة من عمرها، مما دفعها إلى الاستقلال والانفصال عن والدتها، خصوصًا بعد زواج الأخيرة من المقرئ الخاص للخديوي توفيق، وهو ما لم تتقبله بمبة وأخواتها.

 

اكتشاف موهبتها وبداية طريق الفن

بعد الابتعاد عن بيت العائلة، سكنت بمبة بجوار راقصة تركية تُدعى "سَلِم"، والتي سرعان ما اكتشفت موهبتها في الرقص والغناء، بدأت بمبة تصاحب "سَلِم" في حفلاتها، لتشق طريقها بنفسها في هذا المجال، مستفيدة من خفة ظلها، وحضورها الطاغي، وقدرتها على جذب الجمهور بطريقة لم يسبق لها مثيل في عصرها.

 

تفوق بمبة كشر على شفيقة القبطية

اشتهرت بمبة كشر بأسلوب استعراضي مميز، حيث كانت ترقص وفوق رأسها صينية من الفضة تحتوي على أكواب مليئة بالذهب الخالص، في مشهد مبهر يخطف الأنظار، وقد نافست بذلك أشهر راقصات عصرها، وعلى رأسهن شفيقة القبطية، التي كانت ترقص وعلى رأسها شمعدان مشتعل، لكنها لم تكن مجرد راقصة، بل كانت فنانة شاملة تجمع بين الرقص والغناء والأداء المسرحي، مما جعلها معشوقة الجماهير ومصدر إلهام للكثير من الفنانات في ما بعد.

 

حياة خاصة مثيرة وزيجات متعددة

تميّزت بمبة كشر أيضًا بحياة شخصية مثيرة للجدل، حيث تزوجت سبع مرات، من بينهم زواجها الثاني من المنشد الشهير سيد الصفتي، لم تكن تخضع لأعراف المجتمع الذكوري، بل اختارت حياتها على طريقتها الخاصة، ما جعلها أيقونة للمرأة المستقلة القوية في زمن كانت فيه القيود تحاصر النساء من كل جانب.

 

لقبها بين العامة والقصور

أطلق عليها الجمهور لقب "ست الكل"، و"راقصة الملوك والسلاطين"، وقد كانت بالفعل محط أنظار القصور والخديويات، ورافقت كبار رجال الدولة في حفلاتهم الخاصة.

استخدمت في تنقلاتها عربة حنطور فاخرة تجرها الخيول، يسبقها رجال ينادون باسمها في الطرقات قائلين: "يا بمبة كشر يا لوز مقشر"، في مشهد يوحي بعظمتها ومكانتها في المجتمع.

 

السينما تخلد حضورها

لم تتوقف شهرتها عند المسرح والرقص، بل اقتحمت بمبة كشر مجال السينما الصامتة في أواخر حياتها، حيث شاركت في أفلام شهيرة منها "نداء الرب" (1926)، و"ليلى" (1927)، و"بنت النيل" (1929)، وكانت هذه المشاركات بمثابة تتويج لمسيرة فنية غير مسبوقة، وجعلت منها واحدة من أوائل النساء المصريات اللاتي دخلن عالم السينما.

 

وفاة بمبة كشر

رحلت بمبة كشر عن عالمنا  في 11 فبراير عام 1930 عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد أن تركت خلفها إرثًا فنيًا وثقافيًا لا يُنسى، وقد تم توثيق قصتها في السينما المصرية من خلال الفيلم الشهير "بمبة كشر" الذي تم إنتاجه عام 1974 من بطولة نادية الجندي وإخراج حسن الإمام، ليبقى اسمها محفورًا في ذاكرة الأجيال.

تم نسخ الرابط