قصة أغنية.. الأولة في الغرام "لحن خرج من رحم المعاناة"
كل أغنية تحمل بين طياتها مشاعر خاصة وحكايات شخصية تلقي بظلالها على الكلمات واللحن، وهو ما ينطبق على أغنية "الأولة في الغرام" التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم، من كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد.
والأغنية ليست مجرد عملًا فنيًا عابر، بل هي تعبير عاطفي عميق وُلد من حزن وأسى عاشهما شيخ الملحنين زكريا أحمد بعد فقدان ابنه.
وبعد وفاة ابنه، دخل زكريا أحمد في حالة من الصدمة والحزن العميق، أفقدته القدرة على التعبير أو البكاء.
وعندما زاره صديقه المقرب بيرم التونسي، حاول الأخير تخفيف وطأة الحزن بكلمات أثرت في زكريا بعمق: "حطيت على القلب إيدي وأنا بودع وحيدي".
وهذه العبارة كانت الشرارة التي أخرجت زكريا من صمته وأطلقت العنان لدموعه وألحانه، ليبدأ في تلحين أغنية تعبر عن حزنه العميق.
وكانت أم كلثوم على دراية بالعلاقة الوطيدة بين زكريا أحمد وبيرم التونسي، فأصرت على دعوة الأخير لزيارة صديقه المكلوم، لعلمها بقدرته على مداواة جراحه بالكلمة.
وبالفعل، تحولت زيارة بيرم إلى لحظة فارقة في حياة زكريا، إذ أهداه كلمات "الأولة في الغرام"، التي أصبحت متنفسًا لعواطفه ومشاعره المكبوتة.
بناء أغنية "الأولة في الغرام"
وتميزت "الأولة في الغرام" بكونها مونولوجًا غنائيًا يبدأ بمذهب ولا يعود إليه، وهي صيغة فنية قلما تم استخدامها في هذا الوقت.
وتولت أم كلثوم قيادة الأغنية بصوتها القوي والمليء بالشجن، وأضفت عليها طربًا وارتجالات جعلت منها إحدى روائع زكريا أحمد التي تعكس إحساسه العميق.
"الأولة في الغرام" ليست مجرد أغنية، بل هي قصة إنسانية تنقل مشاعر الحب والفقدان بأسلوب فني راقٍ، جعلها خالدة في ذاكرة الجمهور العربي، وبين كلمات بيرم التونسي، ولحن زكريا أحمد، وأداء أم كلثوم، ولدت الأغنية من رحم الحزن لتبقى رمزًا للعاطفة الصادقة والشجن العميق.