جمال عبد الحميد… أربعة مواقف لو مرت بأي إنسان آخر، لأدخلته العباسية!

وشوشة

في حوار صريح ومؤثر ضمن برنامج “الستات” على قناة النهار، فتح الكابتن جمال عبد الحميد قلبه أمام الإعلامية سهير جودة، كاشفًا عن محطات قاسية في حياته،  وحكايات إنسانية عميقة من مشواره الذي بدأ تحت خط الفقر، وعبر بالألم، وبلغ المجد.

 

قالها بوضوح: “أربع مواقف في حياتي لو حصلوا لأي حد، كان زمانه في مستشفى العباسية!” — عبارة اختزلت حجم المعاناة، والإصرار الذي لم ينكسر.

 

بداية جمال عبد الحميد.. بيت فقير… وكرامة لا تُشترى

 

يحكي جمال عبد الحميد عن نشأته الصعبة، قائلاً:

“كنا خمس أولاد في أوضة واحدة وسرير واحد… التلات بنات يناموا على السرير، وأنا وأخويا على الأرض. أبوي مكانش بيلحق يشرب الشاي بعد الغدا… بياخده وينزل على شغله التاني”  

ورغم الفقر المدقع، كان هناك إصرار على التعليم، وحرص من الوالد على الأخلاق قبل أي شيء،

“كنا تحت خط الفقر فعلاً، لكن والدي كان دايمًا حريص يسمّعني قرآن… يقول لي: توضى واقعد اسمعني”.

لكن القدر اختطف الأب مبكرًا، وكان جمال في الثانية عشرة من عمره.
 

اللعب حافيًا… والمشي من برج القاهرة إلى عين الصيرة

 

“كنت بلعب كورة حافي وأنا عندي 18 سنة. ماكنش معايا 10 قروش أجيب بيهم جزمة كورة”.

 

يستعيد ذكريات أول اختبار كروي له مع صديقه، حين قرر تأجيل الذهاب ليُوفّر من مصروفه “نص قرش” يوميًا ثمن المواصلات.

 

“صاحبي كان حاجز درجة أولى، وأنا فلوسي خلصت، وراجع مشيت من برج القاهرة لعيني الصيرة على رجلي… كنت ممكن أتشعبط في أي أتوبيس، بس كنت حريص إني ما أجيبش لأبوي مشكلة”.

وفي الطريق، يقول إنه تمنى من قلبه رائحة الفول والكباب والطعمية… حلم بسيط كان معلقًا فوق جوعه.


 

كابتن جمال إلى الأهلي: بداية لا تشبه النهايات المريحة

 

يحكي عن أول تمرين له في نادي “المصنع الحربي”، حيث كان يُستبعد قبل حتى أن يلعب.

وفي اليوم الأخير، لاحظه المدرب وقال له: “تحب تروح الأهلي؟”

 

“قلت له طبعًا، قالي بس انت زملكاوي!”، يضحك جمال ويكمل:

“دخلت الأهلي أول مرة، استلفت جزمة واتحملت المسامير اللي فيها، بس كنت حاسس إني على أول طريق الحلم”.

 

في أول يوم له، حصل على مكافأة بسيطة:

“كابتن عوضين إداني 2 جنيه وشنطة لبس… رحت لأمي وقلت لها: خدي الجنيهين، واعملي أحلى أكل ليكي ولأبويا، وإن شاء الله هسكنكم في قصر. وهي كانت بتضحك ومش مصدقة.”

 

الشهرة: جمال عبد الحميد أغنى شاب في عين الصيرة


بدأت رحلته تتغير. لعب للأهلي، وسجل هدفًا في مرمى الزمالك، وكان ذلك نقطة تحوّل.

“بقيت أغنى واحد في عين الصيرة، والناس شالتني على الأعناق… الجرائد بدأت تكتب عني”.

 

أول مبلغ كبير تلقاه كان 760 جنيه، أنفقه كله في إسعاد أسرته:

“جوزت تلات أخواتي… أبوي مكانش قادر يجهزهم. وحققت حلمي ووديتهم إسكندرية”.


 

الإصابة: جمال عبد الحميد والسقوط الأشد قسوة
 

ثم جاءت الضربة الكبرى "أُصيبت رجلي، وعملت عملية، وركبت مسامير… الأطباء قالوا مستحيل ألعب تاني”.

لكنّ الأم التي كانت ترعاه لم تتخلّ عنه،

“أمي باعت غويشتها علشان أتعالج… وبالفعل، بدأت أتحسن.”

عاد إلى التمارين في الأهلي، وكان كابتن أنور سلامة صريحًا معه:

“قال لي: إنت اتحسنت بنسبة 50%، وإن شاء الله تكمل”.

لكنه سمع من داخل النادي:

“مش عايزينه دلوقتي… إحنا مركزين في أفريقيا”،

فقرر أن يُنهي الرحلة دون أن ينهي الكرامة.


 

نُضج ما بعد الألم: أبناء جمال عبد الحميد الكرويون

 

رغم الانكسار المؤلم، إلا أن جمال عبد الحميد لم يغادر ذاكرة الكرة المصرية، بل تحول إلى نموذج حيّ للإصرار والتفاني.

فهو الذي بدأ حافي القدمين… ومشى مدينة كاملة على رجليه، ورفض التمسّك بالمظاهر، وأصرّ على الكرامة حتى النهاية.

 

في الختام… ما لم يقله التاريخ عن جمال عبد الحميد، قالته المعاناة

 

هذا اللقاء مع “الستات” لم يكن مجرّد سرد لسيرة رياضية، بل هو تسجيل لبطولة من نوع آخر:

بطولة إنسان جاع، وتعب، واستلف، وتحمل، لكنه لم يستسلم، ولم يخذل أحدًا.

إنه جمال عبد الحميد… اللاعب الذي بدأ حياته بـ”نص قرش”، وكتب بها فصلًا خالدًا في تاريخ الكرة والكرامة.

 

تم نسخ الرابط