"حكاوي زمان".. سمير صبري يخدع عبدالحليم حافظ بشخصية "بيتر" لمدة عام كامل‎

سمير صبري وعبدالحليم
سمير صبري وعبدالحليم حافظ

رغم مرور السنين، وتغير الملامح، وتطور الحياة، يفضل القلب أن يظل معلقاً بتلك الأيام التي رحلت، بزمن كانت فيه البساطة عنواناً، وكانت الضحكة خارجة من القلب، وكانت حكايات الفن تروى على مهل، وتصنع بصدق، نشتاق لتلك الأيام وكأنها الوطن، نسترجعها في الأغاني القديمة، في مشاهد الأبيض والأسود، وفي حكايات النجوم الذين رحلوا بالجسد، وبقوا في الذاكرة.

ومن هذا الحنين الجميل، قرر "وشوشة" أن يأخذكم كل أسبوع في رحلة إلى زمن الطرب الأصيل والدراما الحقيقية، من خلال سلسلة "حكاوي زمان" التي نفتح فيها دفاتر الفن الجميل، ونستعرض خلالها كواليس ونجاحات ومآسي وذكريات منسية، عن نجوم صنعوا مجد الفن.

 

حكاية اليوم عن سمير صبري وكذبة صنعت مجده

 

في حكاية هذا الأسبوع، نروي واحدة من أغرب الحكايات في حياة الفنان والإعلامي الراحل سمير صبري، والتي بدأت من داخل مصعد "عمارة السعوديين" المطلة على النيل، حيث كان يقطن إلى جانب العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.

كان سمير حينها طفلاً صغيراً ، لكنه يمتلك خيالاً واسعاً وذكاءً فطرياً، فعندما التقى بعبدالحليم للمرة الأولى، شعر بالرهبة، ولم يجرؤ على تقديم نفسه بشخصيته الحقيقية، فاختلق شخصية وهمية لطفل أمريكي يدعى "بيتر"، معجب شديد العشق بالعندليب.

استمرت هذه الكذبة البيضاء لمدة عام كامل، تمكن خلالها سمير من الحصول على صور وتوقيعات خاصة من عبدالحليم، كلها موجهة إلى "بيتر"، لم يشك العندليب في البداية، حتى تكشفت الحقيقة لاحقاً، لكنه لم يغضب، بل ضحك من قلبه، واحتفظ بسمير كصديق مقرب، وقال له: "إنت موهوب حتى في التمثيل من قبل ما تشتغل ممثل".

هذه الصداقة الفريدة كانت بوابة سمير صبري الأولى لعالم الفن، إذ اصطحبه عبدالحليم إلى كواليس تصوير فيلمه الشهير "حكاية حب"، وهناك ظهر سمير في مشهد قصير ضمن المجاميع خلال أداء أغنية "بحلم بيك"، كانت مجرد ثواني على الشاشة، لكنها فتحت أبواب الحلم لطفل أحب الكاميرا منذ النظرة الأولى.

لم يمر وقت طويل حتى اصطحبه عبدالحليم مرة أخرى، لكن هذه المرة إلى مبنى الإذاعة، وهناك التقى بالفنانة لبنى عبدالعزيز، التي أعجبت بذكائه وقدرته على التعبير، فقررت منحه أول فرصة حقيقية من خلال برنامج الأطفال الشهير "ركن الأطفال".

ومن هنا انطلقت مسيرته الإعلامية، التي تألق فيها لاحقاً عبر إذاعة الشرق الأوسط، ثم عبر شاشة التلفزيون، مقدماَ برامج أصبحت من علامات الزمن الجميل، أبرزها "النادي الدولي" و"كان زمان"، اللذان جمع فيهما بين الثقافة وخفة الظل والحضور اللافت.

أما أول فرصة تمثيلية حقيقية فكانت وليدة المصادفة، حين زار لبنى عبدالعزيز في كواليس فيلم "اللص والكلاب" في ذلك اليوم، تغيب أحد الممثلين، فاقترحت لبنى على المخرج الكبير كمال الشيخ أن يجرب سمير في الدور، وبالفعل، وقف أمام الكاميرا لأول مرة كممثل، ونال إعجاب الجميع، وعلى رأسهم كمال الشيخ، الذي رغم إعجابه الشديد بموهبته، لم يسند إليه أي دور بعدها، في مفارقة لا تزال غريبة حتى اليوم.

النقلة الحقيقية في مشواره جاءت عام 1974، حين رشحه الأديب والوزير يوسف السباعي لبطولة فيلم "بمبة كشر"، وذلك بعد اعتذار عدد من النجوم عن الوقوف أمام الفنانة نادية الجندي في أولى بطولاتها السينمائية.

وافق سمير، وراهن على العمل رغم التحفظات، فجاء النجاح مدوياً، واستمر عرض الفيلم في السينمات لمدة عام كامل، محققاً إيرادات ضخمة وثقة جماهيرية كبيرة.

بعدها، تتابعت النجاحات، وشارك في أفلام أصبحت من كلاسيكيات السينما المصرية، مثل "البحث عن الفضيحة"، و"الأحضان الدافئة"، و"في الصيف لازم نحب"، مؤكداً أنه نجم شامل يمتلك موهبة حقيقية، وخفة دم لا تصطنع، وثقافة جعلته مختلفاً عن أبناء جيله.

بهذه الحكاية، نستعيد صورة الزمن الذي كان فيه الفن حالة صدق، والبدايات مغامرة، والنجومية تبنى من لحظة دفء داخل مصعد، أو كلمة طيبة من نجم كبير لصغير موهوب.

في "حكاوي زمان"، نواصل كل أسبوع إحياء هذه الذكريات التي لا تشيخ، ونستعيد ما فقدناه من عفوية وصدق، وسط زحام المشهد الفني الحالي.

تم نسخ الرابط