استشاري إتيكيت وسلوكيات تقدم روشتة ذهبية للتعامل مع الأبناء في الثانوية العامة| خاص

في كل بيت به طالب في الثانوية العامة، تعيش الأسرة حالة من التوتر والترقب لكن ما لا يدركه كثير من الأهالي أن كلماتهم وتصرفاتهم قد تكون هي السبب الخفي في قلق الأبناء أو اطمئنانهم.
في هذا السياق، قدّمت د. دعاء بيرو، استشاري الإتيكيت والسلوكيات المعتمد، من خلال تصريحات خاصة لـ"وشوشة"، مجموعة من النصائح الذهبية لإتيكيت التعامل الراقي مع الأبناء خلال فترة الامتحانات، هذه النصائح لا تساعد فقط في تخفيف الضغط عن الطالب، بل تخلق بيئة صحية تساعده على التركيز والتفوق.
في تصريحات خاصة لموقع "وشوشة"، أكدت د. دعاء بيرو، استشاري الإتيكيت والسلوكيات المعتمد، أن تعامل الأهل مع الأبناء خلال فترة امتحانات الثانوية العامة يُعتبر من العوامل النفسية الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر على أداء الطالب ونتيجته، سواء بالإيجاب أو السلب.
وأشارت إلى أن طريقة الحديث، والتصرفات اليومية، وحتى نظرة الوالدين للنتائج، كلها عناصر تصنع فارقًا حقيقيًا في ثقة الأبناء بأنفسهم واستعدادهم الذهني والنفسي للاختبارات.
في بداية حديثها، شددت د. دعاء على ضرورة أن يتجنب الأهل ترديد بعض العبارات السلبية التي ترهق الطالب نفسيًا وتزيد من التوتر، مثل "مستقبلك يعتمد على هذا الاختبار" أو "إذا لم تحقق درجات عالية فلن تنجح في حياتك"، وبدلًا من ذلك، دعت لاستخدام كلمات مطمئنة ومحفزة مثل "قم بأداء أفضل ما لديك وتوكل على الله"، أو "هذا مجرد اختبار، ومستقبلك لا يتوقف على درجة واحدة بل على اجتهادك ومثابرتك".
ونبهت إلى خطورة أن ينقل الأهل مشاعر القلق والتوتر لأبنائهم، مؤكدة أن دور الوالدين في هذه المرحلة هو أن يكونوا مصدر طمأنينة وأمان، لا مصدر ضغط إضافي، فالهدوء في التصرف والكلمات يمنح الطالب مساحة نفسية أكثر اتزانًا تساعده على التركيز والتفوق.
كما أوضحت أن من أساسيات الإتيكيت أن يساعد الأهل أبناءهم في تنظيم جدول المذاكرة بطريقة مرنة دون فرض أوقات محددة بالإجبار أو التحكم الكامل في ساعات الدراسة، لأن السيطرة المفرطة تؤدي إلى العكس وتخلق مقاومة داخلية لدى الطالب.
وأضافت أن المقارنة بين الأبناء وأقرانهم سواء من الأقارب أو الجيران هي من أكثر التصرفات التي تهدم ثقة الطالب بنفسه، ويجب أن يتجنبها الأهل تمامًا.
وشددت د. دعاء على أهمية أن يكون التشجيع واقعيًا وغير مبالغ فيه، وأن يتم مدح الجهد المبذول وليس فقط الدرجات، والاحتفاء بتطور الطالب مهما كان بسيطًا، لأن التركيز فقط على النتيجة النهائية يصيب الطالب بالإحباط إذا لم تكن كما توقع الأهل.
ونصحت الأهل بالمتابعة دون ضغط، بأن يسألوا أبناءهم عن خطة المذاكرة بشكل ودي، دون إشعارهم برقابة مستمرة تؤدي إلى التوتر، ودعت إلى التحلي بالصبر والهدوء والتعامل بالحكمة حتى في حال شعور الطالب بالكسل أو ضعف التركيز، فالتوبيخ أو اتهامه بالتقصير قد يؤدي إلى فقدان الشغف والثقة بالنفس.
وأكدت على أهمية التحكم في البيئة المحيطة بالطالب خلال فترة الامتحانات، مشيرة إلى ضرورة تقليل الزيارات العائلية والضوضاء والخلافات الأسرية، وتوفير مكان مريح ومرتب للمذاكرة يتمتع بإضاءة وتهوية جيدة. فالبيئة الهادئة تعزز قدرة الطالب على الاستيعاب والمراجعة.
وفي صباح يوم الامتحان، نصحت د. دعاء بأن يكون دعم الأهل معنويًا ومليئًا بالثقة، بكلمات بسيطة مثل "أنا واثق فيك"، بدلًا من طرح أسئلة مربكة مثل "ذاكرت كويس؟"، والتي لا تفيد في اللحظة الأخيرة بل تزرع القلق.
أما بعد الامتحان، فشددت على ضرورة تجنب محاسبة الأبناء على كل سؤال أو خطأ، والاستماع إليهم ومشاركتهم مشاعرهم وقلقهم دون أحكام، لأن هذه اللحظات تكون حساسة جدًا ويحتاج فيها الطالب إلى دعم نفسي واحتواء لا إلى نقد أو محاسبة.
ولم تغفل د. بيرو عن أهمية التغذية والنوم، موضحة أن الأداء العقلي والجسدي يتأثر بشكل كبير بانتظام النوم ونوعية الطعام، ونصحت بتقديم وجبات خفيفة وصحية تساعد على التركيز والانتباه، مع مراعاة أوقات نوم منتظمة.
وفي ختام حديثها، وجهت د. دعاء نصيحة ذهبية لكل الأهل، داعية إياهم إلى عدم الضغط على أبنائهم من أجل تحقيق درجات مرتفعة فقط لدخول ما يُعرف بـ"كليات القمة"، مؤكدة أن امتحانات الثانوية العامة ليست نهاية الطريق، بل مجرد مرحلة في رحلة طويلة مليئة بالفرص المختلفة، وعلى الأهل أن يركزوا على دعم الأبناء وتوفير الأجواء المناسبة لهم بدلًا من رفع سقف التوقعات بشكل مرهق نفسيًا.
بهذا الطرح الإنساني والعملي، تقدم د. دعاء بيرو دليلًا متكاملًا لإتيكيت التعامل مع الأبناء خلال أصعب الفترات الدراسية، ليكون الأهل داعمين حقيقيين لا عبئًا إضافيًا، وليظل النجاح في النهاية نتاج حب واحتواء قبل أن يكون نتيجة درجات.