أحمد حلمي من «هامش الكادر» إلى شرفات القلب: تكريم يُشبهه

لم يكن يوم تكريم أحمد حلمي في مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي مجرد وقفة احترام لمسيرة، بل أقرب إلى لحظة اعتراف نادرة: أن بعض النجوم لا يحتاجون لأضواء إضافية، لأنهم يُضيئون من الداخل.
في دورته السادسة، اختار المهرجان أن يلتفت لفنان لم يبدأ من منتصف المشهد، بل من حوافه. مهندس ديكور، ثم مخرج برامج أطفال، ثم وجه يعرف كيف يُصغي، قبل أن يتكلم. من هذا الهامش، دخل حلمي إلى الكادر، لا كممثل عادي، بل كـ”حالة” يعرفها كل بيت، ويفهمها كل قلب.

ليس كوميديانًا فقط…
في زمن أصبحت فيه الكوميديا وسيلة للضجيج، ظل حلمي متمسكًا بخيط الضوء الرفيع الذي يربط الضحك بالصدق. لم يكن “يُضحكنا” وحسب، بل كان يُرمم فينا شيئًا ما، في كل مرة، دون أن يدّعي البطولة أو النُبل.
فيلمًا بعد آخر، كان يسير على الحافة: بين العبث والوجع، بين السخرية والحنين، بين الشخصيات التي تشبهنا حد الالتباس. حتى صرنا، من حيث لا ندري، نختبر أنفسنا من خلاله.

التكريم: وقفة لتأمل المدى
جلسة تكريمه شهدت حضورًا مصريًا وعربيًا أصيلاً ، بوجود الفنان باسم سمرة والفنانة شيري عادل، اللذين شاركا ضمن لجان التحكيم. لكن الأهم كان ذلك الشعور العام: أن حلمي لم يعد نجمًا فقط، بل صار «ذاكرة جمعية» لجيل عرف الحياة عبر أفلامه، وضحك وسط خيباته بفضله.
لم يكن التكريم تذكارًا لماضٍ، بل إشادة بفنان لا يزال يفتش عن الدهشة في كل ما يفعل، ويمنحنا شعورًا مطمئنًا بأن الخفة ليست سطحية، بل حكمة تُخفى في ابتسامة.

أحمد حلمي… الممثل الذي يشبه الناس
في السينما، لعب دور الشاب الذي يتلعثم، ويتردد، ويحب كثيرًا ويخاف أكثر. في الحياة، بقي كذلك: رجل لم تصبه النجومية بتيبّس الروح. لا زهو مفتعل، لا استعراض. فقط فنان يمشي إلى فنه كما يمشي إلى الحياة: بفضول، بخوف، وبكثير من حب.

من الشاشة إلى العالم
بجانب الفن، هو أيضًا وجه إنساني بارز. سفير للنوايا الحسنة، ومشارك دائم في مبادرات التعليم ودعم الأطفال. لم ينس أبدًا من أين أتى، ولم يتعالَ على وجع أحد. إنسانيته ليست ملحقًا لسيرته، بل أصل الحكاية كلها.

بعض التكريمات تمنح الفنان لحظة فخر… وبعضها تُعيد للفن معناه.
تكريم أحمد حلمي من النوع الثاني. لأنه لا يُكرَّم وحده، بل يُكرَّم معه جيل كامل من الذكريات، من الأحلام المؤجلة، ومن الضحكات التي خرجت من القلب رغم كل شيء.