رائدة الإعلام النسائي.. كيف صنعت فريال صالح مجدها من قلب ماسبيرو؟

في ذكرى ميلادها، نستعيد سيرة واحدة من أبرز أعمدة الإعلام المصري، الإعلامية فريال صالح، التي حفرت اسمها في ذاكرة الجماهير ببرامجها المتميزة وصوتها الواثق وأسلوبها القريب من الناس.
من محافظة قنا إلى شاشة ماسبيرو، قطعت فريال مشوارًا طويلًا زاخرًا بالعطاء، فكانت من أوائل من قدمن البرامج الحوارية في مصر، ومن الرائدات اللاتي فتحن الباب للمرأة لتتصدر المشهد الإعلامي باقتدار.
نستعرض في هذا التقرير محطاتها منذ النشأة وحتى الرحيل، مرورًا بأهم برامجها، حياتها الشخصية، وأثرها الذي لا يُنسى.
النشأة والبدايات الأولى
ولدت فريال مصطفى محمد صالح يوم 1 يناير عام 1941 في محافظة قنا، وسط أسرة تضم تسعة أبناء، والدها كان من أصول صعيدية بينما والدتها قاهرية، كانت فريال الرابعة بين إخوتها، وبرزت منذ الصغر بشخصيتها القوية وطموحها العالي.
بعد أن أنهت دراستها الثانوية، التحقت بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، حيث حصلت على ليسانس في الفلسفة وعلم الاجتماع عام 1962، وهو التخصص الذي ساعدها لاحقًا في بناء أسلوبها الحواري القائم على فهم النفس البشرية والمجتمع.
بدأت حياتها العملية كموظفة مكتبة بمحافظة السويس، قبل أن تنتقل إلى القاهرة وتلتحق باتحاد الإذاعة والتليفزيون.
في بداية الستينيات، دخلت مبنى ماسبيرو، لتكون واحدة من أولى الوجوه النسائية في التليفزيون المصري.
أولى تجاربها التلفزيونية كانت في برنامج بعنوان "أحب لوسي" عام 1965، ولم يمض وقت طويل حتى بدأت تثبت نفسها من خلال برامج اجتماعية وثقافية متنوعة.
لقب فريال صالح وأبرز برامجها
لقبها الكثيرون بـ"عميدة التوك شو" لأنها أول من قدم البرامج الحوارية المباشرة التي شارك فيها الجمهور وأثارت قضايا حقيقية، استطاعت بأسلوبها الحاد والراقي في آن واحد أن تجذب فئات متعددة من المشاهدين.
ومن أبرز برامجها
• "حق الجماهير": ناقش قضايا المجتمع وحقوق المواطنين
• "على فين": برنامج اجتماعي طرح تساؤلات واقعية
• "نجوم على الهوا": استضاف كبار الفنانين مباشرة
• "بروفايل" و"اخترنالك": برامج ثقافية وإنسانية أثبتت تنوعها وتمكنها من الحوار
كما تعاونت مع الإعلامي طارق حبيب في تقديم برنامج "اتنين على الهوا"، الذي شكّل ثنائيًا ناجحًا في تاريخ البرامج التلفزيونية.
ملكة المسابقات وبرامج الترفيه
إلى جانب البرامج الحوارية، اشتهرت فريال صالح بتقديم برامج المسابقات والترفيه، التي حملت طابعًا مرحًا ومحببًا للجمهور، مثل: "ساعة الحظ"، "أنت وحظك"، "حاول تفتكر"، "صندوق الحظ"، "شخصيات ضاحكة".
كما قدمت برامج فنية شهيرة مثل "سكوت هنغني"، و"النادي الدولي"، و"نجوم بلا أضواء"، ما أثبت قدرتها على التنوّع والبقاء في دائرة الضوء لفترة طويلة.
مناصب قيادية في ماسبيرو
لم يكن حضور فريال مقتصرًا على الشاشة، بل امتد إلى الإدارة، حيث تولت رئاسة إدارة مذيعات الربط في القناة الأولى عام 1986، ثم أصبحت مديرة للبرامج الثقافية، وهو ما أتاح لها التأثير في المحتوى الإعلامي وتطوير البرامج التي تُعرض على الجمهور.
حياتها الشخصية
على المستوى الشخصي، تزوجت فريال صالح من ضابط الشرطة هاني الكموني، وأنجبت منه ابنها "أدهم"، الذي سار على خطاها وأصبح مذيعًا، وابنتها "داليا"، وبعد انفصالهما، تزوجت من الكاتب المسرحي فايز حلاوة، بعد انفصاله عن الفنانة تحية كاريوكا، وأنجبت منه ابنتها "ابتهال".
كانت تشارك أيضًا في أنشطة اجتماعية وخيرية، وكانت عضوًا بارزًا في جمعيات نسائية مثل "روتاري" و"ليونز"، حيث كانت دائمًا مدافعة عن حقوق المرأة ورافعة لصوتها.
وفاتها
في 14 يونيو 2012، وبعد صراع مع المرض دام عدة أشهر، توفيت الإعلامية فريال صالح عن عمر ناهز 71 عامًا، حيث رحلت في هدوء، لكن صوتها ظل يرن في أذهان جمهورها ومحبيها، وإرثها ظل مصدر إلهام للأجيال القادمة من الإعلاميين والإعلاميات.