البنات والصيف… وزيزي البدراوي: أيقونة الحُب والحرية في زمن الرقة

في كل صيف، تعود إلينا ذكريات أفلام الزمن الجميل التي شكّلت وجدان جيل كامل، ومنها الفيلم الشهير البنات والصيف (1960)، الذي يُعد واحدًا من أبرز أفلام تلك المرحلة، ليس فقط لأنه جمع أسماء بحجم عبد الحليم حافظ وسعاد حسني، بل لأنه قدّم وجوهًا نسائية مختلفة، تمثّل أحلام الحب، وتمرد القلب، وشغف الحياة… وكان من بين هذه الوجوه زيزي البدراوي، تلك الفتاة التي جمعت بين الرقة والجرأة الوجدانية، وبين الحُلم والواقعية النبيلة.
فتاة الزمن الجميل
زيزي البدراوي، في هذا الفيلم وغيره، لم تكن فقط “بطلة رومانسية”، بل كانت تمثل نوعًا خاصًا من الأنوثة: الطيبة، النقية، التي لا تخجل من التعبير عن مشاعرها، ولا تخشى الحب. كانت ملامحها هادئة، لكن أداءها يحمل صدقًا مدهشًا يجعل المشاهد يصدق كل كلمة، وكل دمعة، وكل ابتسامة.
في البنات والصيف، تلعب زيزي دور فتاة تعيش الحب بصدق وتلقائية، وتواجه خيبة الأمل دون ضجيج. لم تكن البطلة التي تنتصر في النهاية، لكنها كانت البطلة التي تبقى في القلب، لأنها تُشبه الحقيقة أكثر من الحكاية.
الصيف كرمز.. والبنات كحلم
الصيف، في ذلك الفيلم، لم يكن مجرد فصل. بل كان رمزًا للتحوّلات: من البراءة إلى الوعي، من الانتظار إلى الفقد، من الحلم إلى النضج. وزيزي البدراوي جسّدت ذلك التحول برقة بالغة، وكأنها تنقلنا من مشهد شاطئي هادئ إلى عمق سؤال: ماذا لو كان الحب أكبر من الظروف؟ وأعمق من الندم؟
خلف الكاميرا… امرأة من نور
بعيدًا عن الشاشة، كانت زيزي البدراوي وجهًا آخر للخير في صمت. أشاد بها الوسط الفني كله كإنسانة تكرّس حياتها لمساعدة الآخرين دون ضجيج أو بهرجة. أنفقت من مالها وراحتها ووقتها من أجل الآخرين، وظلت حتى آخر لحظة من حياتها ترفض أن تتحول إلى عبء على أحد، حتى وهي مريضة.
قالت عنها الفنانة نهال عنبر:
“كانت فنانة راقية، رافضة تمامًا لأي مساعدة، رغم احتياجها في آخر أيامها، لأنها أنفقت كتير على غيرها.. عاشت بكرامتها وماتت بكرامتها.”
زيزي… والحنين المفتوح
زيزي البدراوي لم تكن فقط جزءًا من فيلم مثل البنات والصيف، لكنها كانت بنت من بنات الصيف، من تلك الأرواح النقية التي تظهر فجأة في حياتك، تترك أثرًا ناعمًا، وتمضي. لم تحتج لأدوار البطولة الصاخبة، لأنها ببساطة بطلة على طريقتها: رقيقة، حقيقية، تُمثّل الزمن الذي الجميل.