"شفيق يا راجل"… حكاية الكوميديان الجاد: محمد نجم الذي ضحك فصدقناه!

محمد نجم
محمد نجم

في كل بيت مصري تقريبًا، لا تزال تتردد العبارة الأشهر في تاريخ المسرح الكوميدي الحديث: “شفيق يا راجل!”.
ليست مجرد إفيه… بل وثيقة صوتية في ذاكرة أجيال، توقّع باسم واحد فقط: محمد نجم.

النجم محمد نجم واحد من أكثر ممثلي المسرح تفرّدًا، الذي غادر عالمنا ٥ يونيو عام 2019 بعد رحلة فنية استمرت قرابة خمسة عقود. ومع كل ذكرى، يعود اسمه ليُذكرنا كيف كان الضحك في عصره فنًا قائمًا على الإتقان، والارتجال مدروسًا كأنه نصّ مقدس.

 

🔹 من الشرقية إلى الخشبة

في زمنٍ كان المسرح فيه جامعة للفن والحياة، ولد محمد نجم في محافظة الشرقية عام 1944،
انتقل إلى القاهرة ليبدأ مشواره من على خشبة المسرح، وانضم إلى فرقة عبدالمنعم مدبولي، حيث تشرب من روح “المدبوليزم” التي تمزج الكوميديا بخفة الدم المصرية الأصيلة.
لكنه لم يتوقف عند حد التلمذة… فسرعان ما شق طريقه الخاص، وأسس فرقته الشهيرة: “فرقة محمد نجم المسرحية”، ليبدأ معها مسيرته الحقيقية نحو النجومية.


🔹 مسرحية واحدة… وصرخة خلدت اسمًا

رغم تقديمه عشرات المسرحيات، يظل اسم “عش المجانين” هو العمل الذي علّق نجمه في السماء.
تلك المسرحية التي ضمت مجموعة من النجوم الشباب آنذاك، لكن الجمهور خرج منها بـ”صرخة نجمية”:
“شفيق يا راجل!”
صرخة خرجت بتلقائية، وارتجال ذكي، لكنها لم تكن مجرد إفيه… بل كانت تلخيصًا لأسلوب نجم:
كوميديا صادمة، غير متوقعة، تعتمد على المباغتة، والاحتفاظ بالخطوط الدرامية في يد واحدة.

 

🔹 مدرسة “محمد نجم” في الكوميديا

كان محمد نجم حالة خاصة، لا ينتمي لمدرسة “التهريج” ولا لـ”الكوميديا المهذبة” التقليدية، بل كان فنانًا جادًا في الكوميديا.
كان يؤمن أن الكوميديان الحقيقي لا يضحك لنُضحك، بل يتقمص الدور حتى يصبح الضحك هو اللغة الطبيعية للحكاية.

أسلوبه في التوقف الطويل قبل الجملة، طريقته في التفاعل مع الجمهور، إفيهاته التي لا تُكتب على الورق بل تُخلق على الخشبة… كلها ملامح مدرسة نجم التي لا تُقلَّد.

 

🔹 السينما والتلفزيون… محطات جانبية

رغم نجاحه المسرحي، لم يكن بعيدًا عن الشاشة. شارك في عدة أفلام مثل:
• حكايتي مع الزمان
• ممنوع في ليلة الدخلة
كما قدّم عددًا من الأعمال الدرامية، أشهرها مسلسل “توت توت”.
لكن ظل المسرح هو وطنه الحقيقي، وكان دائم التصريح:
“السينما والتلفزيون مِزاج، لكن المسرح دمي.”

 

🔹 الرحيل… وصدمة الصمت

في مايو 2019، دخل محمد نجم المستشفى إثر جلطة دماغية مفاجئة.
وبعد أيام من الصمت، رحل عن عالمنا في 5 يونيو عن عمر ناهز 75 عامًا.

رحل “ملك المسرح الكوميدي”، لكن لم ترحل ضحكته.
رحل من اعتاد أن يُفاجئنا في كل مشهد… ففاجأنا أيضًا برحيله.

 

🔹 تركة من الإفيهات والحب

محمد نجم لم يترك فقط مسرحيات… بل ترك لغة كاملة من الإفيهات، محفوظة حتى الآن في وجدان الجمهور:
• شفيق يا راجل
• أعقل يا مجنون
• سيبوني أموت

وترك خلفه جمهورًا واسعًا، يضحك عند ذكر اسمه، ويترحم عليه بابتسامة.

 

💬 هل كان misunderstood؟

رغم شعبيته الكبيرة، ونجاحه الجماهيري، تعرض نجم أحيانًا لسوء فهم، سواء من نقاد أو من زملاء، بسبب طباعه الحادة وصراحته المفرطة.
لكنه ظل متمسكًا بمبدأه:
“الفنان مش لازم يبقى محبوب من الجميع… المهم يكون صادق مع فنه.”

 

🎭 في الختام…

في ذكرى محمد نجم، لا نرثي ضحكة… بل نحتفل بصاحب الضحكة.
نُعيد سماع صرخته التي أصبحت “كودًا مصريًا”:
“شفيق يا راجل!”
ونتذكر أن الكوميديا في زمانه لم تكن استهلاكًا… بل كانت مسرحًا حيًا نابضًا، فيه قلب، وحكاية، وفنان اسمه محمد نجم

تم نسخ الرابط