في ذكراه.. حكاية حسن حسني… من حي القلعة إلى قلوب الملايين

حسن حسني
حسن حسني


في أحد أزقة حي القلعة العتيق، وُلد حسن لطفًا، لا نجمًا.
لم يكن في البيت الكبير غير ظلال الأم التي رحلت باكرًا، وطفل صغير يحاول أن يملأ غيابها بما يستطيع من خيال.
هناك، في الحي الذي يشبه الحكايات، بدأت خطواته الأولى، لا نحو الشهرة، بل نحو فهم الناس، وحبهم.

عرف الحياة وجهًا لوجه. لم تسايره الظروف، لكنه سايرها بروحه الهادئة، وقلبه المضيء.
لم يكن طريقه مفروشًا، لكنه اختار أن يسير فيه بخفة ظل، وحكمة بسيطة، وصدق نادر.

بدأ من المسرح، لا كمن يبحث عن تصفيق، بل كمن يبحث عن دفء المشهد.
أحب الخشبة، وأخلص لها لسنوات، تنقّل بين فرق مسرحية مثل “الجيش” و”الطليعة”، ليصنع لنفسه ملامح ممثل يُجيد أكثر مما يُظهر.

جاءت السينما بعد انتظار طويل، لكنها حين جاءت، لم تمرّ عليه مرور الكرام.
في التسعينيات، انفجرت طاقته الفنية، فصار وجهًا مألوفًا في كل بيت.
لكنه لم يكن وجهًا فقط، بل قلبًا نابضًا بالكوميديا، والدراما، والحياة.

في اللمبي، كان الأب الذي لا يَنسى الناس عباراته حتى اليوم.
في سهر الليالي، كان الموجوع الصامت.
في غبي منه فيه، قدم خفة دم نادرة، جعلت الناس تضحك من القلب، وتحبّه من الأعماق.

لم يطلب البطولة، لكن كل مشهد كان بطولته.
كان الجيل الجديد يحتمي به، يتعلّم منه، ويتكئ عليه.
هو الممثل الذي لا يقاطع، بل يضيف.
الذي لا ينافس، بل يفتح المساحة لغيره.

قدّم أكثر من 500 عمل بين السينما والتلفزيون والمسرح، وكان حريصًا على أن يكون حاضرًا، لا لمجرد الظهور، بل ليمنح كل دور حياة.

لم يكن نجمًا عابرًا، بل واحدًا من هؤلاء الذين يشبهون الناس.
صادقًا، بسيطًا، خفيف الروح، عميق الأثر.

حين رحل، لم تملأ صورته الشاشات فقط، بل امتلأت القلوب باسم من أضحكها، وساندها، وربما ذكّرها بنفسها.

حسن حسني… كان ممثلًا، لكنه كان أيضًا ذاكرة، وطريقة، ومدرسة.

تم نسخ الرابط