في ذكرى وردة… ظلّ السؤال معلّقًا: “وعملت إيه فينا السنين؟”

مرّت السنين، ومفيش إجابة واضحة…
غير إن فيه وجع بيزيد لما نسمع صوتها، ولهفة بترجع لما نسمع اسمها.
وردة لم تكن مطربة… كانت حالة.
صوتها ماكانش بيتغنّى، كان بينادي… على حد راح، على وقت حلو، على قلب اتكسر ولسه بيحب.
وفي ذكرى غيابها، ما بنودّعش وردة…
إحنا بنفتّش عنها جوانا.
“عملت إيه فينا السنين؟”
عملت فينا كتير…
لكن عملت أكتر في وردة.
غرّبتها، وأوجعتها، وأبعدتها،
لكنها عمرها ما قدرت تمحي وهجها،
ولا تمنع عنها حنين الجمهور اللي كان بيشوف فيها معنى للحب، والصبر، والأنوثة اللي بتغني وهي بتبكي جواها.
في الحب… كانت وردة عاشقة لا تعرف الحلول الوسط.
حبت بليغ، وكرهته، وحنّت له، وغنّت له…
كانت العلاقة ما بين اتنين موهوبين، وكل واحد فيهم مراية للثاني…
ولما انكسرت المرايات، فضلت الألحان شاهدة.
وكانت “بودعك” هي الوداع الأخير.
غنّت وردة “بودعك”، وكانت آخر غنوة جمعتها ببليغ.
كأنها كانت بتغني الوداع لنفسها، مش له.
وكأن الصوت اللي ارتجف في آخر الكوبليه، كان صوت القلب وهو بيقفل باب الحكاية… وهو مش عايز يقفله.
وبعد رحيل بليغ، ما كانتش وردة نفسها.
دخلت في دوامة من الاكتئاب، وكانت بتتكلم عنه في كل لقاء كأنها لسه مستنياه.
كل ما يتفتح معاها موضوع… بترجع له،
للبدايات، للحنين، للفقد اللي ما تعافتش منه أبدًا.
وردة عاشت بعده عشرين سنة،
لكنها في الحقيقة… ما بعدتهوش يوم.
في الفن… وردة كانت مدرسة.
غنّت الوطن كأنها بتغني لحبيب،
وغنّت الحبيب كأنه وطن بيضيع منها.
غنّت ببساطة، لكن جوّا البساطة دي كان فيه عمق بيحضن كل اللي بيسمع.
صوتها كان جسر…
يربطنا بالأيام اللي كان فيها الحب أنيق،
والغنا له طقوس،
والمشاعر بتتاخد بجد.
“عملت إيه السنين فينا؟”
خلّتنا نشتاق، نندم، نتمنى نرجع لحظة…
لحظة فيها صوت وردة، وعينها، وابتسامتها الخجولة، وهي بتقول: “بحبك والله بحبك”.
لكن كمان، السنين عملت فينا حاجة تانية…
علّمتنا إن الحنين نعمة،
وإن الناس اللي بتلمس القلب مش بتموت، حتى لو غابت.
وإن وردة، رغم الغياب، لسه وردة.
وفي 2013، سكت صوتها.
لكن الحب ما سكتش.
الحب فضّل عايش في “بودعك”،
وفي “أوقاتي بتحلو”،
وفي كل غنوة بيغنيها الملايين النهاردة…
من غير ما يعرفوا إن كل حرف فيها
هو حكاية قلبين… لسه بيتقابلوا في الغنا.
وردة ما رحلتش…
وردة راحت علشان تبقى.
تبقى في نغمة، في دمعة، في ذكرى، في سطر مكتوب بصوتها، وفي قلب كل واحد فينا سأل نفسه يومًا:
“عملت إيه فينا السنين؟”