مي عودة من مهرجان "كان": الحصار يواجه السينما الفلسطينية.. ونفتقد الحرية

في ندوة خاصة ضمن فعاليات الدورة الـ77 من مهرجان كان السينمائي الدولي، ناقش مركز السينما العربية بالتعاون مع مؤسسة الفيلم الفلسطيني وسوق الأفلام واقع السينما الفلسطينية، تحت عنوان "السينما الفلسطينية تحت المجهر"، بحضور عدد من أبرز صناع الأفلام الفلسطينيين والعرب.
وخلال الندوة، تحدثت المخرجة والمنتجة الفلسطينية مي عودة عن التحديات اليومية التي يواجهها صناع السينما في فلسطين قائلة: "لكي نصنع سينما نحتاج إلى حرية، وهذه ليست متوفرة لدينا، لا يمكننا التحرك بحرية بسبب الاحتلال، لا أستطيع أن ألتقي بزملائي في غزة إلا خارج فلسطين، وهذا يعوق عملية التواصل والإنتاج المشترك"، مضيفة: "رغم ذلك نفكر خارج الصندوق ونخاطر، نصور أفلامنا دون أن ننتظر إذن أحد".
كما أكدت أن صناعة الأفلام الفلسطينية أصبحت مسؤولية كبرى في ظل التصعيد ضد غزة: "صناع الأفلام هم وزارة الدفاع عن غزة نصنع أفلاماً عن واقعنا تحت القصف، لنظهر الحقيقة التي يحاول البعض طمسها، ونقاوم من خلال الصورة".
وأشارت إلى أن المستقبل يزداد صعوبة مع تقلص الدعم العالمي، وازدياد القيود على قبول الأفلام الفلسطينية في المهرجانات.
من جهتها، قالت المخرجة شيرين دعيبس إن هويتها الفلسطينية كانت حاضرة في جميع أعمالها، منذ أن زارت فلسطين لأول مرة وهي طفلة في الثامنة، وتعرضت خلالها للإهانة، مما جعل الانتماء جزءًا لا يتجزأ من تجربتها الفنية.
وتحدث المخرج ركان مياسي عن معوقات عمله، كاشفاً أنه لم يكن يستطيع العودة إلى فلسطين، فقرر استكشافها عبر السينما وأوضح أن تصوير فيلمه "بونبونة" واجه صعوبات بسبب منع الممثل صالح بكري من السفر إلى لبنان، ما استدعى استخراج جواز سفر بديل لتصوير العمل.
أما الباحثة رشا السلطي، فأكدت أن السينما الفلسطينية شكلت وسيلة مقاومة بصرية منذ عقود، مشيرة إلى أن الجيل المؤسس للسينما في فلسطين اضطر إلى التحايل على الاحتلال لصناعة أفلامه، بينما أتى الجيل التالي بأساليب فنية جديدة أكثر تنوعاً، إذ تشمل السينما الفلسطينية اليوم الكوميديا، والدراما، والرومانسية، بل والكوميديا السوداء.
وتطرقت السلطي إلى تأثير الأفلام الفلسطينية على الجمهور قائلة: "عند عرض فيلم فلسطيني في نيويورك، كانت النقاشات التي أعقبته غنية ومعقدة، وهو ما أثبت لي أن السينما الفلسطينية قادرة على تغيير المفاهيم وكسر الصور النمطية".
وتحدث المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عن تجربته الفريدة في دعم صناع الأفلام في غزة، حيث يتم التصوير والمونتاج في ظروف استثنائية، وقال: "نبدأ العمل بالفكرة مباشرة، دون رفاهية الوقت أو الإمكانيات، حتى إننا كنا نضطر أحياناً للاتصال بمن سينقل لنا القرص الصلب لنتأكد أنه لا يزال على قيد الحياة".
من ناحيته، أكد المخرج محمد الجبالي أن الكاميرا أصبحت وسيلة نجاة في غزة، حيث فقد العديد من زملائه حياتهم، وقال: "الكثير من أصدقائي من صناع الأفلام قتلوا خلال العدوان، مثل عبود الذي استشهد العام الماضي، لكننا لا نتوقف نصنع أفلاماً لأن هذا ما يمنحنا القوة".
وفي ختام الندوة، شددت مي عودة على ضرورة بناء نظام تمويل مستقل بعيداً عن الحكومات، تحسباً لرفض المهرجانات الدولية استقبال الأفلام الفلسطينية، مؤكدة أن المرحلة المقبلة تتطلب تضامناً أكبر بين صناع السينما، قائلة: "التوزيع والإنتاج أصبحا أكثر صعوبة، لكننا سنواصل المقاومة بالصورة".


