صناع الفن لـ”وشوشة”: الموسيقى التصويرية هي روح المشهد.. ومش مجرد خلفية

ارشيفية
ارشيفية

في عالم الفن، لا تقتصر قوة العمل الدرامي أو السينمائي على النص أو أداء الممثلين فقط، بل هناك عنصر خفي لكنه شديد التأثير، قادر على رفع مشهد عادي إلى لحظة لا تنسى، أو العكس تمامًا.

هذا العنصر هو الموسيقى التصويرية، التي باتت جزءً لا يتجزأ من التجربة البصرية والوجدانية للمشاهد.

وفي هذا الإطار، تحدث عدد من صناع الفن لـ”وشوشة” عن أهمية الموسيقى التصويرية في نجاح أو فشل الأعمال، مؤكدين أنها ليست مجرد خلفية صوتية، بل روح المشهد وشريانه الوجداني.

أكد المخرج معتز حسام أن الموسيقى التصويرية تعد من أهم العناصر المؤثرة في أي عمل درامي أو سينمائي، مشيرًا إلى أنها قادرة على تغيير الإحساس بالمشهد بالكامل. 

وقال في تصريح خاص لـ"وشوشة": “طبعًا الموسيقى التصويرية من أهم الحاجات في المسلسل أو الفيلم، لكن لازم تكون موزونة، لو كانت أعلى من صوت الممثل، بتأثر بالسلب، والعكس كمان، ولو كانت مش راكبة على الموقف، بتفصلك عن المشهد تمامًا”.

وأوضح حسام أن للموسيقى دورًا كبيرًا في تعويض ضعف بعض المشاهد أحيانًا، مضيفًا: “ممكن يكون المشهد ضعيف جدًا، لكن الموسيقى القوية تدخل المشاهد في مود الإحساس وتعلية جدًا، فتخلي المشهد يروح في حتة تانية خالص”.

واستشهد بطريقة تعامل بعض المخرجين مع الموسيقى داخل أعمالهم، قائلًا: “دي اللعبة اللي دايمًا محمد سامي بيلعبها مع مي عمر، إن الموسيقى عنده عنصر أساسي جدًا، وبيعليها في أوقات معينة علشان يحسس المشاهد إن ده مشهد ضخم”.

أما عن ضرورة وجود الموسيقى في كل مشهد، فأوضح حسام أن الأمر نسبي، ويعتمد على طبيعة المشهد نفسه، وقال: “أكيد مش كل مشهد يستاهل موسيقى، الموضوع بيختلف حسب نوع المشهد والإحساس اللي عايز توصله”.

ومن جانبه، أوضح الملحن عمرو الشاذلي أن الموسيقى التصويرية تُعد عنصرًا أساسيًا في تجربة المشاهد، وقد تلعب دورًا حاسمًا في نجاح أو فشل العمل الفني. 

وقال في تصريح خاص لـ"وشوشة": “الموسيقى التصويرية بتلعب دور كبير جداً في توصيل إحساس المشاهد، وفيه مشاهد كتير جداً لو من غير موسيقى تصويرية ممكن تفقد 50% من إحساسها على الأقل”.

وعن آلية اختياره للآلات والنغمات التي تناسب كل مشهد، أوضح الشاذلي أن الأمر يعتمد بشكل كبير على نوعية العمل والمشهد ذاته. 

وقال: “في أعمال كوميدية، ممكن نستخدم آلات بتدل على الفرح زي الطبلة أو الأكورديون، ونكتب جمل لحنية ليها طابع مبهج، أما في الأعمال الدرامية، فالموضوع مختلف تمامًا، بنحتاج لجمل موسيقية معينة وتوظيف دقيق للآلات علشان نوصل الإحساس لو كان فراق أو موت أو عتاب أو غيره، حسب طبيعة المشهد”.

وشدد الشاذلي على أن وجود الموسيقى في المشهد يتوقف على ما يحمله من إحساس، قائلاً: “لو المشهد فيه إحساس معين والموسيقى هتضيف ليه، يبقى أكيد محتاج موسيقى، لكن لو المشهد عادي أو الحوار فيه بسيط ومفيهوش انفعال كبير، ممكن في الحالة دي ما نحتاجش لموسيقى خالص”.

ويرى الشاذلي أن الصمت أحيانًا يكون أقوى من أي موسيقى، خاصة إذا كان يخدم السياق الدرامي ويعزز التوتر أو التركيز في مشهد معين، مشيرًا إلى أن “المؤلف الموسيقي لازم يكون عنده إحساس قوي بالمشهد علشان يعرف إمتى يدخل بالمزيكا، وإمتى يسيبها ساكتة”.

وفي سياق متصل، كشف الناقد الفني أحمد السماحي أن الموسيقى تعد من أقوى العناصر التي تؤثر في العمل الدرامي، سواء كان تليفزيونيًا أو سينمائيًا أو مسرحيًا أو إذاعيًا.

وقال السماحي في تصريح خاص لـ"وشوشة": “قبل أن نتحدث عن أهمية الموسيقى، علينا أن نتذكر كم مرة أسالت دموعنا، أو جعلتنا نتسمر في أماكننا من شدة التوتر، أو أدخلتنا بنعومتها في قلب المشهد، بل وحوّلت لقطات عادية إلى مشاهد خالدة”. 

وأوضح أن الموسيقى ليست فقط خلفية للصورة، بل هي عنصر أساسي في بناء الدراما وتجسيد تطوراتها، وإضفاء البعد العاطفي، وتحفيز الجمهور على التفاعل الوجداني مع العمل.

وأضاف السماحي أن هناك أعمالًا فنية خلدها الجمهور بسبب الموسيقى، مثل أفلام “شيء من الخوف” و”دعاء الكروان” و”البوسطجي” و”حبيبي دائمًا”، حيث لعبت الموسيقى فيها دورًا بارزًا في نجاحها.

وأكد أن الموسيقى التصويرية تسهم في التعبير عن مشاعر لا تستطيع الصورة نقلها وحدها، مثل استثارة الخيال، وتحفيز الفكر، وإثارة الاستجابة العاطفية، وهي لا تقتصر على دعم المشهد فقط، بل تعزز أيضًا البناء الدرامي ككل.

ورغم أهمية الموسيقى، شدد السماحي على أنها لا تستطيع إنقاذ عمل فني فاشل، وقال: “العمل الفاشل لا تنقذه الموسيقى وحدها، لأن مقومات الفشل فيه متكاملة من قصة وإخراج إلى ديكور”.

فيما أشار إلى أن هناك استثناءات نادرة استطاع فيها الموسيقي أن يترك بصمة رغم فشل العمل، كما حدث في مسلسل “شباب امرأة” حيث نجحت موسيقى شادي مؤنس رغم تعثر المسلسل.

واختتم السماحي حديثه بالإشادة بعدد من كبار مؤلفي الموسيقى التصويرية الذين تركوا بصماتهم في ذاكرة الدراما، وعلى رأسهم عمار الشريعي، الذي كانت موسيقاه سببًا رئيسيًا في نجاح أعمال مثل “الأيام” و”الوسية” و”المال والبنون”، إلى جانب أسماء مثل ياسر عبد الرحمن، وأندريا رايدر، وعلي إسماعيل، وفؤاد الظاهري، ومن الجيل الحديث تامر كروان، وعمرو إسماعيل، وهشام نزيه، وشادي مؤنس.

تم نسخ الرابط