أحمد عزمي: استعنت بشيخ حقيقي لإتقان الخُطب الدينية في "ظلم المصطبة" (حوار)

أحمد عزمي
أحمد عزمي

بعد غياب طويل عن الساحة الفنية، يعود الفنان أحمد عزمي ليطلّ على جمهوره من جديد، حاملاً معه نضج التجربة ووهج الموهبة، من خلال شخصية مركبة تفيض بالتناقضات الإنسانية والتفاصيل النفسية، وهي شخصية "الشيخ علاء" في مسلسل ظلم المصطبة.

عودة عزمي كانت لافتة، وأعادت للأذهان قيمة الأداء الحقيقي وروح الفنان المتفرّد. 

في هذا الحوار، يحدثنا أحمد عزمي عن كواليس العودة، وكيف استعد لتقديم هذه الشخصية المثيرة للجدل.

 وإلى نص الحوار..

بعد عودتك.. كيف كان شعورك وأنت تقف مجددًا أمام الكاميرا؟

في البداية، أنا سعيد للغاية بهذه العودة، وأود أن أشكر الشركة المتحدة على ثقتها بي ووقوفها إلى جانب الفنان المصري، وهو أمر ليس بجديد عليها، كونها أكبر مؤسسة فنية في الوطن العربي بأكمله.

 والعمل مع مخرج كبير مثل الأستاذ هاني خليفة، والأستاذ محمد علي، كان شرفًا كبيرًا لي، وساعدني كثيرًا على الدخول في تفاصيل الشخصية وفهم أبعادها المتعددة، خصوصًا أن "الشيخ علاء" يمر بعدة مراحل درامية.

وكنت محاطًا بمجموعة من الفنانين الموهوبين والملتزمين، الذين يحبون التمثيل ويحرصون على تقديم عمل جميل، وعلى رأسهم النجوم إياد، وفتحي، وريهام، بالإضافة إلى فنانين متميزين مثل إيناس الفلال، ومحمد علي رزق، ومحمد السويسي، وأحمد عبدالحميد، وعبدالخالق، وخالد كمال، ومحسن منصور.

 هذه المجموعة المُلهمة دفعتني لأن أكون أكثر حرصًا على تقديم أفضل ما لدي، والاجتهاد في تحضير الشخصية لتظهر بأبهى صورة وسط هذا المشهد الجماعي الرائع.

كيف رأيت شخصية "الشيخ علاء" حين قرأتها للمرة الأولى.. وما الذي جذبك إليها تحديدًا؟

شخصية "الشيخ علاء" هو في الأساس إنسان، يحمل الخير والشر معًا، ويظهر كل جانب منهما تبعًا للموقف الذي يمر به، فنحن نراه في مراحل مختلفة، ويواجه مواقف كثيرة، سواء مع شقيقه حمادة أو مع من يعتبرهم أعداءه.

 الشخصية كانت ثرية وفي البداية ساعدني الأستاذ هاني خليفة كثيرًا في تحديد المسارات التي ينبغي أن أعمل عليها من أهمها الخطب الدينية، التي كان لا بد أن تُقدم بشكل مقنع ومدروس.

 ولهذا استعنت بأحد المشايخ الأفاضل الأستاذ ممدوح إمام، الذي أوجه له الشكر فقد ساعدني في الترتيل والنطق السليم للآيات القرآنية كذلك استعنت بالأستاذ محمود الجمال والأستاذ محمود إسماعيل لتقوية اللهجة البحراوية (الدمنهورية).

 والحقيقة الجهد الكبير الذي بذلناه في التحضير انعكس إيجابيًا على التصوير، حيث لم نكن بحاجة إلى وقت طويل للتحضير أثناء التصوير، لأن كل التفاصيل كانت محسومة من قبل.

في رأيك.. لماذا ينجذب الناس دائمًا إلى الشخصيات التي ترتدي عباءة الدين وتمارس عكس ما تدّعي؟

العمامة أو العباءة الدينية دائمًا ما ترتبط في موروثنا الشعبي بالثقة الشديدة فيمن يرتديها ويتحدث باسم الدين، وهو ما قد يُستغل أحيانًا من قبل ضعاف النفوس لاستغلال الناس

لكن في الحقيقة، نحن لم نتناول شخصية "الشيخ علاء" من منظور ديني بحت، بل هو في الأصل رجل أعمال، وكونه إمامًا في الجامع ويتحدث في أمور الدين، منحه قوة ساعدته في مجاله التجاري.

هل مرّ عليك مشهد أثناء التصوير شعرت فيه بثقل نفسي أو ضغط إنساني؟

نعم، أكثر مشهد كان صعبًا بالنسبالي من الناحية النفسية، وليس من حيث الأداء، هو المشهد الذي تكتشف فيه "رانيا" (التي أدتها باقتدار الفنانة يارا جبران) أنني سأتزوج عليها.

 شعرت بتأثر شديد وأنا أنظر إليها، وأدركت قسوة "الشيخ علاء" حتى تجاه أقرب الناس إليه، هنا يظهر جليًا أنه عندما يرغب في تحقيق هدف شخصي، لا يتردد في إيذاء من حوله، حتى وإن كانوا الأقرب إلى قلبه، أحببت هذا المشهد كثيرًا، وكنت أخشى من أدائه، لأنه يحمل جانبًا إنسانيًا قاسيًا.

 بالإضافة إلى ذلك، جميع مشاهدي مع الفنان الكبير فتحي عبدالوهاب كانت محببة لي، وأحببت طريقة تنفيذها، والتفاعل بين "الشيخ علاء" و"حمادة كشري"، هذه العلاقة التي قد تبدو متوترة، لكنها في الحقيقة علاقة متكاملة، فهم كأنهم شريانان في قلب واحد، يسعيان للخلاص من الأزمة التي يمران بها.

بعد هذا الغياب.. هل شعرت أن "ظلم المصطبة" كان المشروع المناسب لتقول: "أنا هنا"؟

بكل تأكيد، أحمد الله على أن عودتي جاءت من خلال "ظلم المصطبة"، هذا المسلسل مبني على رواية تتناول عددًا من المشكلات الاجتماعية التي لا نزال نعيشها حتى اليوم، والخروج من القاهرة والحديث عن مشكلات في مناطق أخرى يضفي طابعًا خاصًا.

 يشاهد الجمهور بيئات جديدة وشخصيات مختلفة، بالإضافة إلى أن المسلسل يناقش قضايا عديدة، منها العنف الزوجي، الإيمان بالخرافات مثل "البشعة"، وكذلك ظاهرة السوشيال ميديا والتشهير بالناس من خلال التصوير دون احترام للخصوصية.

 وأعتقد هذه القضية أصبحت واحدة من القضايا الرائدة حاليًا، وأيضاً العمل مع الأستاذ هاني خليفة الذي تعلمت منه كثيرًا، ثم مع الأستاذ محمد علي الذي أعتبره خير خلف لخير سلف، أضفى على العمل روحًا جميلة وكان حريصًا على أن يخرج المشروع إلى بر الأمان بأقصى درجات الإخلاص.

في زمن تغيّرت فيه أذواق الجمهور ومواقع النجومية.. كيف وجدت استقبال الناس لك بعد الغياب؟

أحمد الله كثيرًا على هذا الاستقبال الطيب من الجمهور، وهو الأهم بالنسبة لأي فنان وكنت سعيدًا جدًا بردود فعل النقاد الكبار، أمثال الأستاذ أحمد سعد الدين، والأستاذ جمال عبدالقادر، وغيرهم من الأساتذة الذين شرفوني برأيهم.

 وأكثر ما كان يخيفني هو ألا تكون العودة بالمستوى الذي يليق بالجمهور، أو أن يُقال إن الشخصية كان يمكن لأي ممثل آخر أن يؤديها، لكن الحمد لله، بفضل الإخراج الجيد، والسيناريو، وتحضيري للشخصية، خرجت الشخصية بالشكل الذي نال استحسان الجمهور والنقاد، وهذا أكثر ما أسعدني.

تم نسخ الرابط