مسلسل "ولاد الشمس".. عندما يتغلب الفن على الإمكانيات!

مسلسل ولاد الشمس
مسلسل ولاد الشمس

برهن مسلسل “ولاد الشمس” على أن قوة الدراما لا تقاس بالإنتاج الضخم، بل بجودة القصة وأداء أبطالها.

ورغم اقتصار تصويره على عدد محدود من الديكورات وغياب المظاهر الفخمة، إلا أنه استطاع أن يجذب المشاهدين بحبكته المشوقة وشخصياته المرسومة بإتقان.

حبكة درامية مشوقة

يسلط المسلسل الضوء على عالم دار الأيتام وما يواجهه الأطفال بعد بلوغهم السن القانوني للخروج منها، من خلال شخصيتي "ولعة" و"مفتاح"، اللذان يظلان داخل الدار رغم وصولهما لسن الشباب ورغم اختلاف طباعهما.

الظروف تجبرهما على التعاون في مواجهة صاحب الدار، الذي يستغلهما في أعمال غير قانونية، ومع تصاعد الأحداث، يجدان نفسيهما أمام تحديات أكبر، مما يضع المشاهد في حالة ترقب مستمرة.

ورغم أن أحداث “ولاد الشمس” تدور في عدد محدود من مواقع التصوير، لا تتجاوز 3 أو 4 أماكن رئيسية، ودون اللجوء إلى الديكورات الفخمة أو السيارات الفارهة، إلا أن صناع العمل نجحوا في توظيف هذه المساحات ببراعة لخدمة القصة.

 اعتمد المسلسل على بيئات تصوير واقعية تعكس طبيعة حياة أبطاله، مما أضفى على الأحداث مزيداً من المصداقية والعمق الدرامي، دون الحاجة إلى التنقل بين أماكن تصوير متعددة لإبهار المشاهد بصرياً.

مصير الأيتام بين الإهمال والاستغلال

ورغم بساطة الإنتاج، يناقش المسلسل قضية مصير الأيتام بعد خروجهم من دار الرعاية، حيث يجدون أنفسهم بلا مأوى أو دعم حقيقي، مما يدفع بعضهم إلى طرق غير مشروعة للبقاء على قيد الحياة.

 كما يسلط الضوء على الاستغلال الذي قد يتعرضون له داخل بعض دور الأيتام، حيث يستغلهم بعض المسؤولين لتحقيق مصالح شخصية، منتهزين فرصة ضعفهم وحاجتهم للحماية.

محمود حميدة يجسد الشر بحرفية

دائماً ما يبهرنا الفنان الكبير محمود حميدة بقدرته الفائقة على تجسيد أدوار الشر بإتقان، سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية.

 وفي مسلسل "ولاد الشمس"، ظهر بشخصية "بابا ماجد"، مدير دار أيتام الشمس التي تستقبل الأطفال بلا مأوى ومجهولي النسب وقدم حميدة دوراً مركباً ببراعة، ليؤكد مجدداً أنه أحد أعمدة التمثيل القادرين على إضفاء عمق على أي شخصية يؤديها.

ما يحسب للفنان بحجم محمود حميدة أيضاً هو دعمه للأجيال الجديدة، حيث يشارك في عمل رمضاني يضم نخبة من الشباب، مما يمنحهم فرصة حقيقية ويثري الساحة الفنية.

مالك ودسوقي “خروج عن المألوف”

في ولاد الشمس، يخوض أحمد مالك تحدياً جديداً بشخصية "ولعة"، مبتعداً عن الأدوار التقليدية التي اعتاد تقديمها، إذ يجسد دور الشاب المتهور والمندفع، الذي نشأ في دار أيتام، ليبهر الجمهور بأداء مختلف تماماً.

أما طه دسوقي، فقد شكل مفاجأة العمل بشخصية "مفتاح"، حيث كسر الصورة المعتادة له كممثل هادئ، وقدم دوراً مختلفاً كشف عن بعد جديد في موهبته التمثيلية، ليؤكد قدرته على التنوع والإبداع.

براعة مخرج العمل

منذ دخوله مجال الإخراج، أثبت شادي عبد السلام قدرته على التميز والنجاح بفضل موهبته وشغفه الكبير بالمجال، حيث بدأ رحلته كمخرج مساعد ومنفذ، لكنه سرعان ما شق طريقه ليصبح مخرجاً رئيسياً للأعمال الدرامية، مستنداً إلى إصراره على التطور والنجاح.

ويواصل عبدالسلام نهجه في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية من خلال أحدث أعماله، مسلسل ولاد الشمس.

المؤلف مهاب طارق

المؤلف مهاب طارق تألق في موسم رمضان الحالي بأكثر من عمل درامي، وأثبت قدرته على تقديم محتوى قوي ومتنوع يخطف أنظار الجمهور.

 من أبرز أعماله هذا العام مسلسل "ولاد الشمس"، الذي تميز بقصة مشوقة وقضية مجتمعية هامة، حيث يتناول الصراعات العائلية والتحديات التي تواجه الشباب في ظل الظروف الاجتماعية المتغيرة.

نجاح جماهيري

تمكن ولاد الشمس من تحقيق نجاح كبير، متصدراً نسب المشاهدة في مصر خلال الأسبوع الأول من رمضان، وذلك عبر منصة Watch It، مما يعكس تفاعل الجمهور مع القصة القوية وأداء أبطاله المميز.

المسلسل من بطولة أحمد مالك، طه دسوقي، محمود حميدة، معتز هشام، مريم الجندي، فرح يوسف، فليكس، جلا هشام، ومينا أبو الدهب، وهو من تأليف مهاب طارق، وإخراج شادي عبد السلام وتألق أبطاله بأداء مقنع، خاصة أحمد مالك وطه دسوقي.

الفن أقوى من الإمكانيات

“ولاد الشمس” هو دليل حي على أن جودة العمل الفني لا تقاس بحجم الإنتاج، بل بمدى قوة القصة وأداء الممثلين، ورغم بساطة الإمكانيات، إلا أن المسلسل استطاع أن يكون واحداً من أبرز الأعمال الرمضانية هذا العام.

تم نسخ الرابط