"أهو جه يا ولاد".. القصة الحقيقية لأغنية رمضان التي لا تغيب عن الأذهان

كل أغنية تحمل في طياتها مشاعر وأجواء خاصة تتجسد في وجدان المستمعين، لكن هناك بعض الأغاني التي تتحول إلى جزء من طقوس زمنية لا غنى عنها، لتصبح علامة مميزة لمناسبات بعينها، وأغنية "أهو جه يا ولاد"، التي أدتها فرقة الثلاثي المرح، واحدة من تلك الأغاني التي التصقت بذاكرة الأجيال، وأصبحت رمزًا احتفاليًا بقدوم شهر رمضان المبارك، حيث لا يزال صداها يتردد كل عام، رغم مرور أكثر من ستة عقود على صدورها.
قصة ميلاد الأغنية
في عام 1959 خطرت للشاعرة نبيلة قنديل فكرة كتابة أغنية تعبر عن بهجة استقبال شهر رمضان، بأسلوب بسيط ومبهج يناسب الأطفال والكبار على حد سواء.
وكانت نبيلة معروفة بحسها الشعبي الصادق، وحرصها على تقديم كلمات تحمل الطابع المصري الأصيل، فصاغت كلمات "أهو جه يا ولاد" بروح احتفالية خفيفة، تعكس الأجواء المبهجة التي تصاحب حلول الشهر الكريم.
أما اللحن فقد حمل بصمة الموسيقار الكبير علي إسماعيل، الذي كان أحد رواد التوزيع الموسيقي في ذلك العصر.
وصمم إسماعيل لحنًا نابضًا بالحياة، معتمدًا على الإيقاعات الشرقية التقليدية، التي تحاكي أصوات الفوانيس، نداء المسحراتي، ومدفع الإفطار، ما جعل الأغنية تندمج سريعًا في وجدان المستمعين، وكأنها جزء أصيل من رمضان نفسه.
تسجيل الأغنية والنجاح الجماهيري
وتم تسجيل الأغنية في استوديوهات الإذاعة المصرية بصوت فرقة الثلاثي المرح، التي كانت تضم صفاء يوسف، سناء الباروني، ووفاء يوسف.
ونظرا لشهرة الفرقة في ذلك الوقت، وتقنيات التسجيل المتقدمة التي استخدمت، حصلت الفرقة على أجر قدره 140 جنيهًا، وهو مبلغ كبير بمقاييس تلك الفترة، مما يعكس مدى أهمية الأغنية والمراهنة على نجاحها.
ما إن أذيعت الأغنية للمرة الأولى، حتى لاقت انتشارًا واسعًا، وأصبحت تُبث يوميًا عبر الإذاعة خلال الشهر الكريم، مما عزز ارتباط الجمهور بها.
ولم يقتصر تأثيرها على جيل بعينه، بل استمرت لعقود متتالية، لتتحول إلى جزء لا يتجزأ من الأجواء الرمضانية في كل بيت مصري.
أيقونة رمضانية خالدة
وعلى مدار أكثر من 65 عامًا، ظلت "أهو جه يا ولاد" واحدة من أكثر الأغاني الرمضانية شعبية، إذ تجسد روح رمضان بفرحته وطقوسه المميزة.
ورغم ظهور العديد من الأغاني الخاصة بالشهر الكريم، فإن هذه الأغنية لا تزال تحافظ على مكانتها الفريدة، حيث يحرص الكثيرون على سماعها مع حلول رمضان، تمامًا كما يضيئون الفوانيس ويتابعون مدفع الإفطار.
لقد تحولت "أهو جه يا ولاد" من مجرد أغنية إلى رمز احتفالي خالد، يبعث في النفوس إحساسًا تلقائيًا بفرحة رمضان، ليظل صوت الثلاثي المرح ممتزجًا بأجواء الشهر الكريم، شاهدًا على محبة الناس لهذا العمل الفني الخالد.