حواديت زمان.. نجاة الصغيرة وكامل الشناوي "حين يصبح الحب عذاباً"
يقال إن الحب هو أسمى المشاعر الإنسانية، الذي يرفع صاحبه إلى السماء، لكن حين يكون حباً من طرف واحد، يتحول إلى لعنة تجر صاحبها إلى قاع الألم ويصبح القلب سجناً مغلقاً، يعيش فيه صاحبه وحيداً، ويدور في دائرة من الأمل واليأس، يخطو على طريق مليء بالوحدة، متمسكاً بمشاعر لا تجد من يردها.
وهنا تبدأ قصتنا قصة الشاعر الكبير كامل الشناوي، الرجل الذي أحب بصدق وعشق بكل جوارحه، لكنه اختار قلباً لم يكتب له أن يحبه، كان يحب الفنانة نجاة الصغيرة، التي كانت بالنسبة له الحلم البعيد، الحلم الذي طارده طوال حياته دون أن يدرك أنه كان يهرب منه.
كان "كامل" يعشق نجاة بحب نقي، ويرى فيها النور وسط ظلام أيامه كان يراقبها من بعيد، يكتب لها أروع الكلمات، ويعبر لها عن مشاعره، لكن قلبه كان يعلم جيداً أن هذا الحب لن يكون إلا جرحاً دائماً كتب لها يوماً: "أنا لا أجري وراءك، بل أجري وراء شقائي" كان يدرك أن قلبها ملك لغيره، ومع ذلك ظل مخلصاً لحبه، متمسكاً بأمل هش، كطائر يطير بجناح مكسور.
مرت الأيام وجاء عيد ميلادها، فظن كامل أن هذه المناسبة قد تكون فرصته الأخيرة للاقتراب منها جهز المكان بعناية، واختار الهدايا بعاطفة شديدة، وزين القاعة كما لو كانت حلماً يعيشه وحده لكنه وقف هناك، يشاهد حلمه يتناثر أمام عينيه، حين اختارت يد يوسف إدريس لتقطع معاً التورتة، تاركة إياه واقفاً بلا حياة بعد الحفل، خرج حزيناً وقال: "إنها مثل الدنيا، تجددها الوجوه ولا تكتفي أبداً".
لكن الطعنة القاتلة جاءت في إحدى الليالي عندما رآها مع يوسف إدريس، يتبادلان القبل دون اكتراث لأي عين تراقب رفع سماعة الهاتف، وتحدث معها بصوت مليء بالوجع: "لا تكذبي، إني رأيتكما معاً" لكنها، بكل برود، ردت: "الله جميلة سأغنيها."
كانت تلك الكلمات بمثابة الطعنة الأخيرة لقلبه المكسور لم يستطع كامل أن يتوقف عند الألم، فحول مشاعره الجريحة إلى أغنية شهيرة حملت عنوان "لا تكذبي"، غناها عبد الحليم حافظ، لتصبح واحدة من أصدق أغاني الحب الموجوع لم يتوقف الشاعر عند ذلك، بل كتب أيضاً أغنية أخرى لغريمه يوسف إدريس، تحت عنوان: "حبيبها لست وحدك حبيبها."
رحل كامل الشناوي عن الدنيا وهو يحمل جرحاً لا يندمل، وحباً عذبه حتى آخر لحظة في حياته وفي أيامه الأخيرة كتب: "لقد أحببتها أكثر من حياتي، لكنها دمرتني دون أن تشعر كنت فقط شاعراً يكتب عنها، لكنها كانت بالنسبة لي الحياة".
وهكذا انتهت قصة شاعر عشق بلا حدود لكنه لم يجد سوى الخذلان كلمات الشاعر وأشعاره بقيت شاهداً على قلب نزف حباً حتى آخر لحظة، حباً عاش وحيداً ورحل وحيداً.