عاشق العشق الذي يتجاوز العقل

على مدار عدة سنوات تحتل أفلام السيكو دراما اهتمام الجمهور بشكل كبير كما أنها تعد تحديا للفنانين المشاركين في هذه الأعمال لأنها تحتاج إلى مهارات معينة في الأداء التمثيلى، وتوظيف جيد لإمكانيات الممثلين، بالإضافة إلى وجود مؤلف ومخرج على وعي بطبيعة هذه النوعية من الدراما ومفاتيحها، وحقيقة الأمر أن السينما المصرية زاخرة بعدة أفلام سيكودرامية وفي مقدمتها "بئر الحرمان" للفنانة سعاد حسني ونور الشريف وإخراج كمال الشيخ، و"أين عقلي" للفنانة سعاد حسني أيضا ومحمود ياسين ورشدي أباظة وإخراج عاطف سالم، ومؤخرا "الجريمة" لأحمد عز ومنة شلبي وإخراج شريف عرفة، ولكن عزيزي القارئ سأتحدث هنا عن فيلم لا يزال معروضا في صالات العرض السينمائي ، ويحظى بمشاهدة كبيرة لدى الجمهور وهو فيلم "عاشق" لأحمد حاتم وأسماء أبو اليزيد، وحقيقة الأمر أن "عاشق" استدعى معي فيلم "أين عقلي"فقد كانت الزوجة محاطة بالمرض النفسي والهلاوس وتخضع للعلاج، ويحاول الزوج مساعدتها إلى أن تنقلب الأمور رأسا على عقب، ونفس الشيء لبطلة عاشق وما تعانيه من الهلاوس، وارتباط ذلك بوقوعها تحت تأثير الإدمان والعلاج منه بفضل طبيبها،إلى أن يفاجئ المؤلف المشاهد بتويست درامي يغير من مجرى الأحداث ويحافظ على متابعته وانجذابه للعمل.
فإيقاع العمل سريع وغير ممل وقادر على الاستحواذ على انتباه الجمهور منذ البداية وحتى تتر النهاية، بالإضافة إلى تمكن أحمد حاتم من أدواته وتجسيد الدور بشكل احترافي بكل أبعاده وتحولاته النفسية، وأداء أسماء أبو اليزيد الرائع واتقانها لدور المدمن في جميع مراحله، فكان هناك كيمياء في الأداء التمثيلي بين حاتم وأبو اليزيد خلقت ثنائيا متميزا على الشاشة الفضية نتنمى أن نراهم في أعمال أخرى معا، وتأتي الموسيقى التصويرية لتكون من أهم أدوات نجاح العمل أيضا،فقد ربطت المشاهد بأحداثه،وكانت مزجا بين الإثارة والتشويق والرومانسية داعبت الإحساس قبل الآذان، فضلا عن أنفيلم عاشق يعد تجربة إخراجية جديدة لعمرو صلاح وأثبت فيها قدرته على تماسك العمل من كل أركانه، مع ظهور متميز للفنانة هنا زاهد كضيف شرف والذي أعطى لمعنى العشق حقه ورونقه.
وأخيرا وليس آخرا بين العشق والحب فرق كبير ، فالعشق أعلى درجات الحب ويتجاوز العقل، ومن يعشق لا ينسى معشوقه ويبعد عنه فتوجد صعوبة في التخلي عن عشقه، وعندما نتجاوز العقل فقد نقع في تحديات نفسية ، فتخلق معه قصصا ذات طابع سيكودرامي تجذب الجمهور لمشاهدتها تكرار ومرارا.