The walking dead
قصة الزومبيز ونهاية العالم أعتبرها حدوتة استهلكتها السينما الأمريكية، رغم كل الإشادات النقدية والحفاوة الجماهيرية بالمسلسل تمسكت بموقفي السلبي منه لمدة سبع سنوات..
كنت مخطئا، بمجرد متابعة الحلقة الأولى اكتشفت أنني أمام ملحمة إنسانية، يتجاوز المسلسل حكايات الإثارة ومشاهد الحركة والعنف ليقدم بانوراما تاريخ الإنسان ذلك الكائن العجيب..
يستفيق ريك جرايمز من غيبوبته في المستشفى ليجد أن العالم الذي يعرفه قد انتهى.
عالم جديد يتشكل..
يخوض ريك رحلة تطور الإنسان الجديد في هذا العالم..
يتكيف البعض سريعا؛ يصبحون ناجين، يعجز الكثيرون، يهلك العاجزون..
يتمسك البعض بقيم العالم القديم، يتخلى الكثيرون عن كل القيم، تبزغ قيم وحشية جديدة..
البشر يتجمعون، يلوذون ببعضهم، قبائل من إنسان جديد، يعيشون وسط الزومبيز، يعلمون قيمة الحياة، يمجدون الأحياء..
الموتى أعداء الحياة حتى لو كانوا أحباء سابقين..
يهتدي ريك إلى زوجته وابنه كارل، أنقذهما أقرب أصدقائه، يكتشف أن زوجته وصديقه دخلا في علاقة حب اعتقادا أنه قد هلك..
يتسامح، لكن الحياة لاتمضي..
المجتمعات الجديدة تتعاون أحيانا، الشر يظل موجودا في ثيابه الملائكية..
كعادة الإنسان ما أن يحسم صراعه ضد البيئة، يبدأ صراعه الحقيقي، قوة الشر المتأصلة فيه هي الخطر الأكبر الذي يهدد الحياة.
الصراع الآن ليس ضد آلهة الأوليمب، ليس صراع ضد البيئة، ولا حتى مجرد صراع ضد الأشرار، الصراع الحقيقي يخوضه الإنسان الجديد ضد غرائزه وأطماعه، وجنونه، ينتصر الإنسان فقط عندما يهزم نفسه.
أولئك الذين يظنون أنهم الحكماء وحدهم هم الخطر الأعظم..
أولئك الذين يسمون أنفسهم المنقذين هم الخطر الحقيقي لا الزومبيز..
بداية من الجزء الثالث يتوحش الصراع بين المجتمعات الجديدة..
يؤكد المخرج باحترافية على عبثية الحياة عندما تعلو قيمة الأشياء فوق قيمة الإنسان..
لايتوقف ريك ورفاقه لالتقاط ناج مذعور..
تتوحش العواطف، غريزة البقاء تجعلهم لايفرطون في رصاصة من أجل آخر لا ينتمي إليهم، ويتوقفون في عودتهم ليلتقطوا حقيبة وأشياء الآخر بعد أن التهمه الزومبيز..
كل أبطال المسلسل ينجون بالتكيف وقدرتهم على التطور وفقا لقواعد العالم الجديد:
زوجة مقهورة تتحول لمقاتلة تتخذ قرارات الحياة والموت بحسم..
مراهقة قروية تتحول لقائدة في مجتمعها..
حتى الطفل البرئ يغرس الخنجر في رأس أمه المحبوبة وفقا لقواعد الحياة..
في المسلسل استعراض للمعضلات الأخلاقية؛ لنعي أكثر مفهوم الأخلاق، وكيف نمارسها.
في القصة المصورة يصبح الابن كارل قائد المجموعة الناجية، أعتقد أن الهدف كان تقديم نموذجا للإنسان الجديد في العالم الجديد، لكن فرانك دارابونت اختار أن يجعل الأب ريك جرايمز هو البطل الذي نتتبعه في ملحمة تطوره الإنساني.
بطل غير يوناني، لا يصارع قوى غيبية، لا يصارع آلهة الأوليمب الميتافيزيقية..
صراعه ضد الزومبيز لم يكن كل الصراع، حتى صراعاته ضد مجتمعات الشر لم تكن الصراع..
الصراع الحقيقي كان داخله، صراع ضد غريزة البقاء التي جعلته ينجو، تغلبه أحيانا، يظل يجاهدها كثيرا..
لم يفتش في قيم العالم القديم، تخطاها بعفوية غير قابلة للنقاش، يبحث عن قيم جديدة للحياة في عالم الموتى السائرين..
يصحبنا فريق العمل في رحلة مرعبة داخل عالم الزومبيز، نرى الموتى يلتهمون الأحياء، أطرافا تتطاير، أحشاء تتدلى..
عالم مجنون، وتظل الرحلة الحقيقية داخل البطل ريك وهو يقود مجتمعه في العالم الجديد..
في رحلة تطوره نرى لحظات ضعفه..
نراه يفقد بوصلته كثيرا، تغلبه غرائزه وتضلله..
في النهاية يهتدي، تصبح قيم التعايش هي منظومة النصر، العمل لا يمجد قيما إنسانية أو أخلاقية لمجرد كينونتها، هو يشرح ببساطة أن المجد كل المجد في تلك القيم التي فيها وبها خلاصنا ونجاتنا، نثمنها بقدر ارتباطها بسعادة الإنسان ورقيه، واستمراره..
عظمة الإنسان في انتصاره على نفسه، ليست عظمة ملائكية رومانسية، هي عظمة الاختيار، رغم كل مافي داخله من شر وغرائز يظل يملك القدرة على الاختيار وأن ينحاز لنجاته..
التطور يفرض أن ينجو القادرون على استبصار الحياة، من يتكيفون بالتجاوز والقيم الجديدة وحدهم ينجون في النهاية.
الماضي الجميل حلم نستلهمه بدون استحضاره برومانسية ساذجة..
المسلسل رغم إثارته ومشاهد العنف والدموية يحمل رسالات هامة للمتلقي، يتم تمريرها بدون خطابة أو مباشرة، فقط الأحداث تجعلنا نتطور مع الأبطال في رحلة النجاة.
عمل ظلمته بالتجاهل كثيرا، أعترف أنه من مسلسلات المرتبة الأولى أصنفه في تقييمي بعد الأسطورتين game of thrones و breaking bad
مسلسل الموتى السائرين أو the walking dead
هو إنتاج أمريكي اقتبس فرانك دارابونت أحداثه عن قصص مصورة لروبرت كيركمان..
قام الممثل الإنجليزي أندرو لينكلولن بدور البطل ريك جرايمز الذي يقود مجموعة من الناجين من أجل البقاء في عالم الموتى السائرين، ويقودهم في صراعات مع مجتمعات أخرى من الناجين.
بدأ عرض الموسم الأول في نوفمبر ٢٠١٠ على قناة AMC بعد أن رفضت قناة HBO إنتاجه لما يحتويه من مشاهد عنف، وHBO هي القناة المنتجة لمسلسل Game of thrones الحافل بالعنف والعري أيضا!!
بيعت حقوق عرضه على مستوى العالم لمجموعة قنوات FOX
انتهت حلقاته منذ عامين، موجود على نيتفليكس وكل منصات المشاهدة التي تعرض الأفلام والمسلسلات مجانا.