“يا رايحين للنبي الغالي”.. حين غنّت ليلى مراد من قلبٍ كان مشتاقًا

ليلى مراد
ليلى مراد

هناك أغانٍ نحبها، وأغانٍ نرددها، وأغانٍ تسكننا.
لكن “يا رايحين للنبي الغالي” لليلى مراد تنتمي لفئة نادرة: تلك التي لا تُسمع فقط، بل تُحسّ.

وراء الأغنية قصة تشرح سر هذا الإحساس.
كانت ليلى مراد في ذروة مجدها، تُصوّر فيلمًا من إنتاج زوجها آنذاك أنور وجدي.
وحين جاء موسم الحج، شعرت بنداء داخلي عميق: “نفسي أحج”.
طلبت أن تتوقف عن التصوير وتذهب، لكنه – كمنتج – كان يدرك أن توقف الفيلم قد يضر بالإنتاج.

ففكّر واقترح عليها:
“طب نخلّيكي تغني للحج جوا الفيلم… نعوّضك باللي نقدر عليه.”
لم تكن الصفقة عادلة على الورق. لكنها وافقت.

لكن ما حدث كان أبعد من مجرد مشهد في فيلم.
في لحظة الأداء، لم تكن ليلى مراد تمثل. كانت تغنّي بشوق حقيقي، من قلب كان يتوق…

تمامًا كما غنّت ليلى مراد من قلبٍ معلق، كأنها هناك…
كأنها ترى بعين الشوق ما لم تره بعين الجسد.
هكذا هم المشتاقون كل عام…
كأنهم هناك...
أجسادهم بعيدة، لكن أرواحهم واقفة على جبل الرحمة،
الشوق لا يحتاج إلى خريطة، ولا يعرف المسافة.
القلوب التي نادت من مكانها، وصلت…
لأن الأرواح تُدرك ما تعجز عنه الأقدام.
الروح لا تُقيدها أرض، ولا يمنعها وقت.
وفي لحظة صفاء، قد يشتبك الحنين باليقين،
فنجد أنفسنا، بلا مقدمات، في حضرة النور…
نُسلّم من بعيد، ونبكي من مكاننا،
لكننا – في الحقيقة – كنا هناك.”

فانسكب الحنين في صوتها، وخرجت “يا رايحين للنبي الغالي” صادقة، صافية، مليانة رجاء.
غنتها كأنها تبعت سلامها فعلًا… وكأن قلبها سبقها.

ومن يومها، كل سنة قبل الحج، تُفتح هذه الأغنية تلقائيًا في القلوب قبل السماعات.
الناس يشاركونها، يستمعون لها، يدمعون.
مش لأنهم حجّوا، ولا لأنهم يخططون للحج هذا العام…
لكن لأن الشوق فيها صادق بطريقة لا تحتاج لتجربة سابقة.
فيها لهفة أولى… حُلم لسه ما تحققش… ولهذا بالذات يلمسنا.

يُقال “من ذاق عرف”،
لكن أحيانًا، من اشتاق… عرف.
حتى لو ما راحش، حتى لو ما شافش،
يكفي إن قلبه بيتحرّك كل ما يسمع “وأبوس من شوقى شباكه
‎وقلبى يتملى بنوره
‎وأحج وأطوف سبع مرات
‎وألبى واشوف منى وعرفات
‎واقول ربى كتبهالى
‎يا رايحين للنبى الغالي.


هي مش مجرد أغنية،
هي صوت قلب كان معلّق،
واتّصل بقلوبنا،
وخلّى كتير مننا يقولوا:
بلّغوا النبي السلام.

تم نسخ الرابط