حواديت زمان.. سمير غانم ودلال عبدالعزيز "قصة حب خالدة رغم الموت"

في عالم يمتلئ بالقصص المؤثرة والمشاعر المتشابكة، تبقى قصة الحب بين الفنان الراحل سمير غانم وزوجته الفنانة دلال عبد العزيز واحدة من أكثر القصص التي تركت بصمة خالدة في ذاكرة الجمهور، لما حملته من مشاعر صادقة، وتضحيات، ونهاية حزينة توجت رحلة طويلة من العشق.
بدأت تفاصيل العلاقة منذ الطفولة، عندما التقت دلال عبد العزيز لأول مرة بالفنان سمير غانم على كورنيش الإسكندرية، حيث كانت تسير برفقة مربيتها، التي نبهتها إلى وقوف أعضاء فرقة "ثلاثي أضواء المسرح"، لحظتها، هرولت الطفلة الصغيرة لتحيي الفنان الكبير، الذي لم يكن يتوقع أن الطفلة التي يداعبها ستصبح يوماً حب عمره.
مرت السنوات، وبدأت دلال عبد العزيز في شق طريقها نحو التمثيل، حيث ذهبت إلى القاهرة وشاركت في مسلسل جمعها بالفنانة كريمة مختار، ومن هنا جاءت نقطة التحول، إذ شاهدها الفنان جورج سيدهم وأعجب بموهبتها، ليعرض عليها المشاركة في مسرحية "أهلاً يا دكتور"، حيث التقت مرة أخرى بالفنان سمير غانم، لكن هذه المرة كشابة طموحة تتمتع بخفة ظل لفتت انتباهه بشكل كبير.
على مدار 4 سنوات، استمرت دلال عبد العزيز في العمل ضمن المسرحية إلى جانب سمير غانم، وخلال تلك الفترة بدأ الحب ينمو بصمت، دلال كانت تعلن حبها بوضوح من خلال تصرفاتها، بينما كان سمير يتحفظ، رافضاً فكرة الزواج في تلك المرحلة من حياته.
رغم ذلك، ظهرت مشاعره في اهتمامه الشديد بها، حيث كان يوصلها يومياً إلى منزلها بعد انتهاء العروض المسرحية، ويحرص على راحتها.
واجهت دلال تحذيرات متكررة من عدد من الفنانين الكبار المقربين من سمير، مثل محمود المليجي وجورج سيدهم وعبد المنعم مدبولي، الذين نصحوها بالابتعاد عنه، مؤكدين أنه لا يفكر في الزواج، ويميل إلى حياة العزوبية، وأن ارتباطه بها قد يكون مؤلماً لها على المدى البعيد لكن دلال، التي كانت تصغره بـ23 عاماً، أصرت على المضي خلف قلبها، مؤمنة بأن القدر سيجمعهما يوماً ما.
اللحظة الحاسمة جاءت خلال تصوير فيلم "يا رب ولد"، حين تدخل الفنان فريد شوقي والفنانة كريمة مختار، وتحدثاً مع سمير غانم بصراحة عن مشاعر دلال نحوه، وطالباه بأن يمنح العلاقة فرصة جدية،وأمام إصرار فريد شوقي، وافق سمير غانم وقال "حاضر يا أستاذ فريد، هتجوزها عشان خاطرك"، ليتم الزواج بالفعل في عام 1984.
في تلك الفترة، كان سمير غانم قد تجاوز الأربعين من عمره، وشعر بالخوف من فكرة تكوين أسرة في هذا السن، لكن دلال طمأنته، وأكدت له أنها ستبني معه بيتاً سعيداً، وسينجبان أطفالاً يملأون حياتهما بالفرح، وقد تحقق ذلك بالفعل، إذ أنجبا الفنانتين دنيا وإيمي سمير غانم، وكان زواجهما نموذجاً يحتذى به في الوسط الفني.
وخلال سنوات الزواج، أثبتت دلال عبد العزيز أنها الزوجة الوفية والصديقة الحقيقية، حيث وقفت إلى جوار سمير غانم في أصعب أوقاته، لاسيما بعد وفاة شقيقه، وكانت دائماً دافعاً له نحو الخير، وتشجعه على دعم المحتاجين، والمشاركة في الأعمال الخيرية، كما حرصت على الحفاظ على علاقة زوجها بأصدقائه، وعلى رأسهم الفنان جورج سيدهم، الذي كانت تزوره بانتظام في مناسباته الخاصة.
لكن النهاية جاءت قاسية ومؤلمة، عندما أصيب كلاهما بفيروس كورونا في توقيت متقارب، وعلى الرغم من تعافيهما من الفيروس، إلا أن مضاعفاته أثرت بشدة على حالتهما الصحية، وبعد تدهور حالته، رحل الفنان سمير غانم في مايو 2021، تاركاً زوجته في حالة حزن وألم، وبعده بثلاثة أشهر فقط، لحقت به دلال عبد العزيز.
رحل الثنائي، لكن قصة حبهما لا تزال حية، تروى في كل مناسبة، وتبقى واحدة من القصص النادرة التي جمعت بين الفن والمشاعر الصادقة حتى لحظة الرحيل.