“كان فيه واحد صاحبي ما تعرفوش"… اسمه سمير صبري

الجدع، الرقيق، المبهج… اللي خلى الحياة سكر.
فيه ناس أول ما اسمها بيتقال، تحس إن الدنيا بتحلو… كأن فيه موسيقى خفيفة اشتغلت في الخلفية، وضحكة طالعة من القلب.
وسمير صبري كان كده بالضبط.
مش بس فنان شامل، ولا مجرد نجم عصره،
كان حالة إنسانية نادرة… خفيفة الدم، واسعة القلب، أنيقة، راقية، وبتحب الحياة.
لما غنّى “سكر حلوة الدنيا سكر” مع شادية، ما كانتش بس أغنية في مشهد… كانت ملخص حياته كلها.
في مشهد بسيط من فيلم “نص ساعة جواز”، راح سمير يشارك برقصة خفيفة مع شادية، بهدف إثارة غيرة رشدي أباظة، وهناك حصلت صدفة من النوع اللي بيغيّر المصير.
سمير سمع لحن بليغ حمدي وقال من نفسه:
“Lovely… the world is lovely”
اتأثرت شادية بالجملة وطلبت من بليغ يدخلها في الأغنية، فدخلت، وخرجت الأغنية للنور، وتحولت من مجرد لحن لفاصل فرح حقيقي في وجدان الناس، وارتبط اسم سمير بيها العمر كله.
إسكندرية… أول غنوة حب
الإسكندرية ما كانتش مجرد مدينة طفولة لسمير صبري… كانت أول غنوة، وأول بحر، وأول قصة حب.
كبر وسط شوارع فيها مزيج نادر من الطليان، اليونانيين، الأرمن، والمصريين، وده زرع فيه الانفتاح، والرقي، وحب اللغات.
حكى مرة:
“درست الفن الإيطالي بسبب حبي لبنت جيراني الإيطالية.”
قصة حب بريئة في سن صغيرة، لكن غيّرت مصيره.
إسكندرية علّمته يشوف العالم بعين واسعة، ويغني بلغات مختلفة، ويحتوي ناس من خلفيات متنوعة.
ومن وقتها، بقت البهجة عنده مش مجرد مزاج… دي طريقة حياة.
ده واحد صاحبي… ما تعرفوش
الجملة اللي قالها لعادل إمام في “البحث عن فضيحة”، وفضلت تلزمه طول العمر، ما كانتش بس ضحك… كانت وصف دقيق لحياته.
هو فعلاً كان صاحب الكل، حتى اللي ما يعرفوش.
ضحكته كانت تلقائية، وصحبته مريحة، وصوته وهو بيقدّم أي برنامج يخليك تحس إنك قاعد مع صديق عمره.
في مشهد إعادة تمثيل نفس الجملة بعد 47 سنة في مسلسل “فلانتينو”، ضحك عادل وسمير وسط فريق العمل، لأن الذكرى فضلت طازة، والجملة لسه فيها حياة.
صندوق أسرار الفن
كان صديق الكبار، وكاتم أسرارهم.
عبد الحليم حافظ ساعده يدخل الإذاعة، وكانوا جيران وأصدقاء مقربين.
شادية أحبته كأخ، وقدمت معاه أجمل لحظاتها،
لبنى عبد العزيز. شويكار، فاتن حمامة، مديحة يسري… كلهم حكوا بعد رحيله إنه كان يقف جنبهم وقت الشدة من غير ما يطلب حاجة.
كان يزور الفنانين الكبار في المستشفيات من غير إعلان،
يساعد في تكاليف العلاج أو الجنازات،
ويطلب من الناس ما تقولش… لأنه مش عايز شكر.
قلبه اللي ما استحملش
في آخر أيامه، أرهق قلبه من كتر ما شال.
كان محتاج عملية تغيير صمام، لكن حالته ما استحملتش.
قلبه اللي شال وجع الناس، وأسرارهم، وحنينهم،
ما قدرش يشيل تعبه لآخر الطريق،
ورحل… بهدوء، وبجنازة حنينة، مليانة حب.
حب سماح أنور… اللي ما اكتملش
اعترف في آخر أيامه إنه كان على وشك الزواج من سماح أنور، واشترى خاتم بالفعل،
لكن فارق السن منعه،
قال: “ما حبيتش أكون أناني، وأكرر على حد اللي أنا اتعذبت منه وأنا صغير.”
وميمي… ابنة فريد الأطرش؟
حكى عن حب مراهقة تاني، فتاة اسمها ميمي قالت له إنها بنت فريد الأطرش من زواج سري،
العلاقة ما كملتش، لكنه احتفظ بيها كذكرى، زي وردة نشّفها في كتاب عمره.
كان فيه واحد صاحبي ما تعرفوش… اسمه سمير صبري
بس الحقيقة… إحنا عرفناه.
عرفنا اللي خلى الدنيا سكر.
اللي خلّى البهجة رسالة، والصحوبية حياة، والأناقة سلوك، والجدعنة فعل صامت.
رحل سمير،
لكن لسه صوته في ودننا… بيقول:
“Lovely… the world is lovely.”
وإحنا نصدّقه…
لأن الدنيا فعلاً كانت أجمل… بوجوده.