سيدة الإخراج في مصر.. كيف غيرت إنعام محمد علي صورة المرأة في الدراما

استطاعت المخرجة إنعام محمد علي أن تحفر لنفسها مكانة استثنائية، ليس فقط كمخرجة متمرسة، بل كصوت واعي يحمل هموم المرأة ويجعل منها بطلة في معارك اجتماعية وفكرية داخل الدراما المصرية.
وفي ذكرى ميلادها، تتجدد الإشادة بإرثها الإبداعي، الذي ظل وفيًا لقضايا المرأة وهمومها اليومية، محققًا تأثيرًا ملموسًا على الوعي الجمعي للمجتمع العربي.
دور ريادي في دعم المرأة من خلال الدراما
منذ بداياتها المهنية، اختارت إنعام محمد علي أن تكون المرأة هي محور رؤيتها الفنية، فركّزت أعمالها على قضايا نسوية كانت في كثير من الأحيان شائكة أو مسكوتًا عنها.
تولّت إنعام محمد علي في بداية مسيرتها إدارة برامج المرأة بالتلفزيون المصري، ثم شغلت منصب نائب رئيس قطاع الإنتاج، وهو ما مكنها من التأثير المباشر في المحتوى الإعلامي والدرامي الموجه للمرأة المصرية والعربية.
أعمال خالدة صنعت وعيًا نسائيًا مختلفًا
قدّمت إنعام محمد علي، أعمالاً أصبحت علامات في تاريخ الدراما، مثل "ضمير أبلة حكمت"، الذي تناول التحديات التعليمية والاجتماعية في حياة المرأة العاملة، و"أم كلثوم"، الذي رصد السيرة الذاتية لواحدة من أقوى النساء في تاريخ الفن العربي.
كما أخرجت مسلسل "قاسم أمين"، الذي ناقش مشروع تحرير المرأة في زمن الجمود الاجتماعي، و"قصة الأمس"، الذي غاص في تفاصيل العلاقات الأسرية من زاوية نسوية، لم تكن إنعام مجرد مخرجة تُدير الكاميرا، بل صاحبة موقف يُبلور واقع المرأة ويدافع عنه بإخلاص.
امتدت رؤيتها النسوية إلى السينما، حيث قدّمت أفلامًا مثل "آسفة.. أرفض الطلاق" و"يوميات امرأة عصرية"، اللذين ناقشا ببساطة وجرأة التحديات التي تواجه المرأة في الزواج، والطلاق، والعمل، وأدوارها الاجتماعية المعقدة.
كانت هذه الأعمال بمثابة صرخة فنية مدروسة، تقف في وجه الصور النمطية وتعيد تشكيل ملامح البطلة في السينما المصرية.
تكريم مستحق من مهرجان يهتم بالنساء
في عام 2022، منح مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة تكريمًا خاصًا للمخرجة القديرة، تقديرًا لمشوارها الفني الطويل، وجهودها الواضحة في دعم قضايا النساء من خلال أعمالها التلفزيونية والسينمائية.
هذا التكريم لم يكن مجرد جائزة، بل كان اعترافًا بتاريخ مشرف ومساهمة فنية فاعلة في ترسيخ مفاهيم المساواة والوعي الاجتماعي من خلال الفن.
إنعام محمد علي صوت امرأة يعرف طريقه نحو التغيير
ما يميز إنعام ليس فقط أنها امرأة ناجحة في مجال فني صعب، بل أنها اختارت أن تكون الجسر الذي تمر من خلاله أصوات النساء المنسيات والمهمشات إلى المشاهدين، لتُصبح همومهن قضايا رأي عام.
لا يمكن الحديث عن الدراما النسوية أو عن الفن الذي يقاوم الظلم الاجتماعي دون ذكر اسم المخرجة إنعام محمد علي، فهي لا تزال حتى اليوم مثالًا للفنانة التي جعلت من الكاميرا سلاحًا للتنوير، ومن الفن أداة لتحرير العقل والوجدان.