ذكرى رحيله.. نزار قباني شاعر النساء والوطن والحياة

في مثل هذا اليوم، نتذكر شاعرًا لم يكن مجرد كاتب قصائد، بل كان ثورة على الورق،
رجلًا كتب بالحب كما يُكتب بالتاريخ،
رجلًا اسمه نزار قباني، الذي جعل من الحرف قبلة، ومن الكلمة وطنًا، ومن الشعر حكاية لا تنتهي.
طفولة في دمشق.. وبداية عاشق للكلمة
وُلد نزار قباني في 21 مارس 1923 في دمشق، وسط عائلة تميل للفن والكتابة، وتأثّر بوالده الذي كان يملك مصنعًا للشوكولاتة ويكتب الشعر، وبعمّه أبو خليل القباني، رائد المسرح العربي.
درس نزار الحقوق، لكنه لم يختَر القانون طريقًا له، بل اختار القصيدة، وأصدر أول دواوينه “قالت لي السمراء” عام 1944،
ليبدأ من هناك رحلة تحوّلت فيها القصيدة من زخرفة لغوية إلى لغة حياة.
نزار وبلقيس.. قصة حب تبدأ بالقصيدة وتنتهي بالتفجير
كانت بلقيس الراوي ليست فقط حبيبته وزوجته، بل ملهمته وشريكته في الألم والقصيدة، عاشا قصة حب عظيمة رغم رفض أهلها زواجهما في البداية، إلا أنهما تحدّيا كل شيء وتزوجا عام 1970.
وفي عام 1981، مزّق تفجيرٌ إرهابي قلب نزار، حين قُتلت بلقيس في انفجار السفارة العراقية في بيروت، ومن يومها، كتب نزار أوجع قصائده، وأشهرها: “بلقيس… يا بلقيس”، وقال فيها: “بلقيس.. كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل.. بلقيس.. كانت أطول النخلات في أرض العراق…”.
كانت بلقيس نهاية حياة وبداية أخرى، كتب بعدها نزار بدمه لا بقلمه، قصائد تتغنّى بها الأوطان، وتُغنّى بصوت كاظم الساهر، من أجمل ما حدث لشعر نزار، هو أن تجد موسيقاه في صوت كاظم الساهر،
فقد حوّل كاظم قصائد نزار إلى أغانٍ خلدت الشعر وجعلته يعيش في القلوب.
من أبرز القصائد التي غنّاها:
• زيديني عشقًا
• مدرسة الحب
• إني خيرتك فاختاري
• أحبيني بلا عقد
وكان نزار يقول عن كاظم: "كاظم الساهر قدّمني إلى جيلٍ جديد لم يكن يعرفني، وأنا مدين له بالشكر".
نزار.. شاعر الأنثى والسياسة والجمال
نزار لم يكن فقط شاعر الحب، كان أيضًا شاعر الغضب والثورة والحرية، كتب عن القدس، عن الهزائم العربية، عن القهر والسكوت.
قصائده مثل:
• هوامش على دفتر النكسة
• خبز وحشيش وقمر
• الحب والبترول
كلها كانت صفعات فكرية وأدبية بجرأة لا تشبه سواه.
الرحيل الجسدي والبقاء الأبدي
توفي نزار قباني في 30 أبريل 1998 في لندن، لكنه دُفن في دمشق، حيث كان يقول دومًا: "القصيدة الحقيقية تولد في رحم مدينة، ولا تولد في المنفى".
نزار ليس ذكرى بل حالة
نزار قباني ليس شاعرًا نقرؤه فقط، بل شاعر نعيشه، في الحب، في الحنين، في الثورة، في المرأة، وفي الوطن.
“هل عندك شك أنك أحلى وأغلى امرأة في الدنيا؟
وأهم إمرأة في الدنيا؟
هل عندك شك أني حين عثرت عليكِ
ملكت مفاتيح الدنيا؟”.