الحكاية الثانية من"لحن مسروق".. أنت عمري وصراع "أم كلثوم ولاكي بولوس" في المحاكم‎!

أم كلثوم
أم كلثوم

في عالم الأغاني، لا تقاس شهرتها فقط بمدى انتشارها أو حجم مشاهداتها، بل أحياناً تقاس بما تثيره من ضجة وخلافات خلف الكواليس.

خلف كل لحن ناجح، قد تجد قصة خفية، صراعاً على الحقوق، أو حتى سرقة علنية تحاول أن تمر دون مساءلة.

ومن هنا جاءت مبادرة "وشوشة" الأسبوعية تحت عنوان "لحن مسروق"، لنكشف تلك القصص المنسية، ونعيد فتح ملفات قديمة ظلم فيها أصحاب الألحان، كي لا يعاد المشهد نفسه مع جيل جديد من المبدعين.

الحكاية الثانية 

الحكاية هذه المرة لا تتعلق بأغنية عابرة أو فنان مغمور، بل ترتبط بأحد أعظم أعلام الموسيقى العربية، موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، الذي وجد نفسه في عام 1973 أمام واحدة من أغرب القضايا الفنية، حين فوجئ بأن لحنه الشهير "أنت عمري"، الذي قدمه خصيصاً لأم كلثوم، يعاد تقديمه بصوت يوناني وبكلمات مختلفة، دون إذن منه أو حتى إشارة إلى صاحبه الأصلي.

المطرب والملحن اليوناني لاكي أورجيلو بولوس هو من قام بتلك الخطوة الجريئة، حيث سجل أغنية مستخدماً لحن "أنت عمري"، وطرحها في الأسواق الأوروبية، وحققت انتشاراً واسعاً تجاوز حدود التوقعات، إذ بيعت منها أكثر من 100 ألف نسخة، ما أثار غضب عبدالوهاب ودفعه إلى التحرك فوراً لحماية حقه الأدبي والمادي.

ولم يتردد عبدالوهاب، فاتصل بمحاميه محمود لطفي، مستشار جمعية المؤلفين والملحنين، طالباً منه اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة، وكانت أولى الخطوات إرسال إنذار رسمي إلى جمعية المؤلفين والملحنين في باريس، لمطالبة الجانب اليوناني بدفع نسبة من العائدات ثلث الأداء العلني، و50% من أرباح الطبع الميكانيكي لكل نسخة مباعة.

لم يكتف لطفي بذلك، بل تقدم بدعوى قضائية أمام محكمة تجارية بباريس لحفظ حق عبدالوهاب قانونياً ومنع تكرار هذه الانتهاكات، مؤكداً أن القانون الدولي يمنع نقل أي لحن أو استخدامه دون موافقة مكتوبة من صاحبه، خاصة إذا تم تداوله تجارياً بهذا الشكل.

المثير أن كلمات الأغنية اليونانية كانت تبدأ بمقطع يقول: "لا تذهب إلى بيتك وتتركني وحيداً"، إلا أن اللحن كان نسخة مطابقة لأغنية "أنت عمري"، ما جعل القضية واضحة المعالم، ووفقاً لحسابات التوزيع، كشف لطفي أن عبدالوهاب يستحق على الأقل 10 آلاف جنيه كتعويض مبدئي، سيدفعه المغني اليوناني بالشراكة مع شركة "بان فوكي" للأسطوانات في أثينا.

ورغم أن الموقف كان قانونياً بحتاً، إلا أن عبدالوهاب علق عليه بنوع من الرضا، قائلاً ٳن ما حدث أسعده لسببين: الأول أن الموسيقى العربية باتت تصدر للخارج بعدما كانت تكتفي بالاستيراد، والثاني أنه سيحصل على تعويض مالي محترم عن هذا التعدي الصريح.

قضية "أنت عمري" لم تكن مجرد خلاف على لحن، بل علامة فارقة في وعي الفنانين العرب بحقوقهم، ورسالة صريحة بأن الفن له أصحاب، وإن سرق يوماً، فهناك من سيطالب به حتى آخر نغمة.

تم نسخ الرابط