حين ينتصر الونس: لماذا أسعدتنا صورة لا نعرف أبطالها؟

ما الذي يجعل صورة بسيطة، بلا أسماء شهيرة أو عدسات احترافية، تُشعل القلوب وتُبهر العيون على منصات التواصل؟
لماذا انتشرت صورة رجل وسيدة في سن الحكمة والسكينة، يتبادلان خاتمًا وابتسامة، كأنها قصيدة حب؟
ولماذا شعرنا، نحن الغرباء، أن هذا الحب… يشبهنا؟ يمسّنا؟ وكأن الخاتم دُسّ في إصبع كل منّا؟
ربما لأن تلك الصورة ليست مجرد لحظة خاصة، بل أمنية جماعية.
هي مشهد يجيب على سؤال دفين في قلب كل إنسان:
هل يمكن أن نُحَب في كل المراحل؟ هل ما زالت هناك فرص لقلوب تعبت، وخافت، وانتظرت؟
السيدة “نادية” – كما قيل – تبلغ من العمر 79 عامًا، وصديقها القديم “يوسف” يبلغ 81 عامًا.
لكن الأرقام لم تكن أبدًا هي العنوان.
بعد رحلة عمر امتلأت بالحكايات، قرّرا أن يبدأا قصة جديدة، عنوانها الونس.
ورغم أن الكثيرين يرون هذا السن زمنًا للسكينة وحدها، قرّرا أن يجعلوه زمنًا للمشاركة، للضحك، وللخطوة الجريئة التي تقول: “ما زال في القلب متسع للحب.”
قالت له ببساطة ساحرة:
“لماذا يجب أن نظل كل واحد منا بمفرده في البيت، بينما يمكننا أن نتشارك جزءًا من حياتنا سويًا؟”
جملة واحدة، لكنها وقعت في القلوب كحكمة عميقة:
الحياة لا تُقاس بما مضى، بل بما يمكن أن يكون.
والونس… حق، لا هدية.
ورغم بساطة مراسم الارتباط، إلا أن ما بعدها كان مدهشًا بحق.
فهما الآن في شهر عسل قصير، يخططان بعده للمشاركة في مسابقات السباحة لكبار السن، بروح مليئة بالحياة والإصرار، كأنهما يقولان للعالم: الحب لا يُطفئه الزمن، بل يشع أكثر كلما تقدّم العمر.
لكن الأجمل من الصورة ذاتها… كان من كتب عنها.
كتب كأنه ابن مُحب، وراصد لجمال اللحظة، وفخور بحياة حماته، كتب كريم عن حماته كما يُكتب عن بطلة فيلم مؤثر: وصفها بالمغامرة التي أتخذت خطوة جريئة.. وأعترف إنها أكثر حفلة زفاف مؤثرة في حياته.
كان واضحًا من كلماته أنه لا يتحدث فقط عن “حماته”، بل عن امرأة ألهمته، أدهشته، وربما غيّرت نظرته للحياة.
وربما أسعدتنا الصورة لأنها تردّ الاعتبار للمشاعر المؤجلة، ولقلوب ظنّت أن دورها قد انتهى.
أسعدتنا لأنها تذكّرنا أن الحب لا يُقاس بالزمن، بل بالحضور.
وأن العمر الحقيقي هو أن نجد من يسمعنا، ويفهمنا، ويريد أن يكمّل معنا الطريق، ولو بقيت فيه خطوات قليلة.
هي صورة… نعم، لكنها فتحت نوافذ في الروح.
وذكّرتنا، دون ضجيج، أن الأمل لا يشيخ، وأن الحب… لا يعترف بالتقاويم.
فشكرًا لنادية ويوسف،
لأنهما أحبّا بجرأة، وأسعدانا بلا قصد.
شكرًا لأنهما – دون أن يعرفا – منحانا جرعة دفء،
وجعلانا نؤمن من جديد، أن الونس ممكن…
وأن الحب لا يطلب الإذن، بل يأتي حين يحتاجه القلب.
الحب لا يُقاس بتوقيت الوصول، بل بصدق النية حين نصل.
قد يأتي الحب في أول العمر، أو في منتصفه، أو بعد أن تهدأ الطرق وتصفو الرؤية… المهم أن يأتي، وأن نجد فيه الونس الذي يشبهنا.