رحلة محمود الجندي من مصنع النسيج إلى النجومية

في مثل هذا اليوم من عام 1945 ولد الفنان محمود الجندي، أحد أهم نجوم الفن المصري، والذي ترك بصمة لا تُنسى في السينما والمسرح والتلفزيون.
ورغم مرور سنوات على رحيله، إلا أن أعماله ما زالت تعيش في ذاكرة الجمهور، خاصة أنه كان فنانًا متعدد المواهب، جمع بين التمثيل والغناء وأداء المواويل، ليصبح أحد أبرز الممثلين الذين نجحوا في تقديم الأدوار الكوميدية والتراجيدية بحرفية شديدة.
نشأة بسيطة وحلم كبير
وُلد محمود حسين الجندي يوم 24 فبراير 1946، بقرية "أبو المطامير" بمحافظة البحيرة، وسط أسرة متوسطة الحال تضم تسعة أبناء.
ونشأ في بيئة ريفية بسيطة، لكنه امتلك طموحًا كبيرًا جعله يسعى وراء حلمه الفني، بعد دراسته في مدرسة فنية صناعية، التحق بقسم النسيج وعمل في أحد المصانع، لكنه لم يجد شغفه هناك، فقرر التوجه إلى الفن، رغم أنه لم يكن خيارًا سهلًا آنذاك.
رحلة المعهد العسكري ثم المسرح
ولم يكن طريقه إلى التمثيل مباشرًا، حيث التحق بالمعهد العالي للسينما، لكنه بعد تخرجه عام 1967، انضم إلى القوات المسلحة كمجند في سلاح الطيران، وشارك في حرب أكتوبر.
وبعد انتهاء خدمته العسكرية، بدأ رحلته الحقيقية مع الفن، وكانت خشبة المسرح بوابته الأولى نحو عالم الأضواء.
الانطلاقة الفنية وبصمة المسرح
وكان المسرح هو نقطة انطلاق محمود الجندي، حيث شارك في عدد من العروض الناجحة، أبرزها إنها حقًا عائلة محترمة أمام فؤاد المهندس، والتي كانت شهادة ميلاد فنية له، امتلك الجندي طاقة إبداعية خاصة جعلته متميزًا في الأدوار الكوميدية والتراجيدية على حد سواء.
سينما وتلفزيون.. نجاح مستمر
ولم يقتصر نجاح الجندي على المسرح فقط، بل امتد إلى السينما والتلفزيون.
وشارك في عشرات الأفلام التي أصبحت علامات في تاريخ السينما المصرية، مثل اللعب مع الكبار، شمس الزناتي، ناجي العلي، واحد من الناس، وكباريه.
أما في الدراما التلفزيونية، فقد كان جزءًا من نجاحات كبيرة، مثل الرايا البيضا، زيزينيا، يوميات ونيس، رمضان كريم، والأب الروحي.
الغناء والمواويل.. لمسة فنية خاصة
وامتلك محمود الجندي صوتًا مميزًا، وظفه في العديد من أعماله من خلال الغناء وأداء المواويل، وهو ما أضفى نكهة خاصة على أدائه، وجعل الجمهور يرتبط به أكثر.
الزيجات الأربعة وحياة مليئة بالتقلبات
وعلى المستوى الشخصي، تزوج محمود الجندي أربع مرات، كانت أبرزها زيجته من الفنانة عبلة كامل عام 2003، والتي لم تستمر أكثر من عامين، بسبب شعوره بأنه أصبح "زوج الست" وليس فنانًا له قيمته المستقلة، كما صرح في أحد لقاءاته.
أما زوجته الأولى، فكانت السيدة ضحى حسن، والتي رحلت عن عالمنا عام 2001 بعد حريق شب في منزلهما، وأنجب منها أربعة أبناء، منهم المخرج أحمد الجندي.
وتردد أنه كان متزوجًا سرًا قبل وفاة زوجته الأولى، لكنه لم يعترف بذلك إلا بعد إنجاب ابنته مريم.
وبعد ذلك تزوج للمرة الأخيرة من ابنة الفنان جمال إسماعيل، واستمر زواجهما حتى وفاته.
اعتزال الفن وشعور بالتجاهل
وفي لقاءاته الإعلامية، تحدث الجندي عن معاناته مع تجاهل المنتجين وتراجع التقدير الفني له، ما دفعه لاتخاذ قرار الاعتزال في 2017، حيث صرح قائلا:" الأجواء في الوسط الفني لم تعد تحترم الفنان كما كان في الماضي، وصار هناك إهدار كبير للكرامة، وهذا ما لا أقبله".
رحيله وإرثه الفني
ويوم 11 أبريل 2019 رحل محمود الجندي عن عالمنا بعد أزمة قلبية عن عمر ناهز 74 عامًا، لكنه ترك خلفه إرثًا فنيًا خالدًا لا يزال يعيش في وجدان محبيه، وسيظل اسمه حاضرًا في تاريخ الفن المصري، كواحد من الممثلين الذين أضفوا طابعًا خاصًا على الشخصيات التي قدموها، بموهبته الفريدة وأسلوبه الذي لا يُنسى.