ذكرى رحيل عقيلة راتب.. فقدت بصرها ولمع شغفها بالفن

يوافق اليوم السبت، ذكرى رحيل الفنانة الكبيرة عقيلة راتب، إحدى أبرز نجمات السينما المصرية، التي قدمت خلال مسيرتها عشرات الأعمال التي لا تزال محفورة في وجدان الجمهور.
وتميزت بموهبتها الفريدة وأدوارها المؤثرة، خاصة في تجسيد شخصية الأم الحنون والسيدة الأرستقراطية، لكنها رغم هذا النجاح الكبير، مرت بمحطات صعبة في حياتها، كان أبرزها فقدان بصرها خلال تصوير آخر أفلامها.
ورغم اعتزالها الأضواء في سنواتها الأخيرة، إلا أن حب الجمهور ظل حاضرًا، حيث تلقت عروضًا للمساعدة بعد إصابتها بالعمى، حتى أن أحد المواطنين عرض التبرع لها بإحدى عينيه.
نشأتها وبداية مشوارها الفني
اسمها الحقيقي كاملة محمد كامل، ولدت في 22 فبراير عام 1916 بحي الضاهر في القاهرة، ونشأت في أسرة ميسورة الحال، حيث كان والدها محمد كامل شاكر يعمل رئيسًا لقسم الترجمة في وزارة الخارجية.
تلقت تعليمها في مدرسة التوفيق القبطية، لكن شغفها بالفن دفعها للاتجاه إلى التمثيل رغم رفض والدها.
واكتشفها المخرج زكي عكاشة، وضمها إلى فرقة "عكاشة المسرحية"، وبدأت رحلتها الفنية وهي لا تزال مراهقة.
وقدمت أول أدوارها في أوبريت "هدى" وهي في الرابعة عشرة من عمرها، ومنذ ذلك الوقت لمع اسمها في الوسط الفني.
فقدان البصر.. المحطة الأصعب في حياتها
ورغم النجاح الكبير الذي حققته على مدار مسيرتها، واجهت عقيلة راتب محنة قاسية عندما فقدت بصرها أثناء تصوير آخر أفلامها "المنحوس" عام 1987.
ووفقًا لما جاء في كتاب "في بيوت الحبايب" روت حفيدتها أنها كانت ترافقها أثناء التصوير، وعندما شعرت عقيلة راتب بتدهور نظرها، أكد الأطباء أنها فقدت البصر تمامًا دون أمل في العلاج.
وبعد نشر الصحف خبر فقدانها للبصر، انهالت العروض لمساعدتها، حتى أن أحد المواطنين أرسل خطابًا نشر في جريدة الأهرام بتاريخ 17 يوليو 1992، عرض فيه التبرع بإحدى عينيه لها، تأثرًا بمسيرتها الفنية العظيمة.
ورغم هذه المحنة، لم تستسلم عقيلة راتب للحزن أو العزلة، حيث ظلت تدير شؤون منزلها بنفسها، وتتابع الأخبار والأحداث عبر الراديو والتلفزيون، محافظة على مظهرها وأناقتها.
ورغم قلة تواصل زملائها من الوسط الفني معها في تلك الفترة، إلا أنها لم تشعر بالغضب أو الإكتئاب، بل استمرت بروح قوية حتى وفاتها.
رحلة سينمائية زاخرة بالإنجازات
قدمت عقيلة راتب أكثر من 60 فيلمًا سينمائيًا، كان أولها فيلم "اليد السوداء" عام 1936، ثم توالت أعمالها الناجحة مثل: السوق السوداء، خلف الحبايب، محطة الأنس، طلاق سعاد هانم، لا تُطفئ الشمس.
كما كانت من أوائل الفنانات اللاتي تعاملن مع التلفزيون منذ بداياته، حيث قدمت دورًا مميزًا في مسلسل "عادات وتقاليد" عام 1960، بالإضافة إلى مشاركتها في أعمال مسرحية مثل: حلمك يا شيخ علام، الزوجة آخر من يعلم، خلف البنات، حرم جناب الوزير، الزوج العاشر.
جوائز وتكريمات في مسيرتها الفنية
وحصلت عقيلة راتب على عدة جوائز وأوسمة تقديرًا لعطائها الفني، من أبرزها:
• جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "لا تطفئ الشمس" عام 1963.
• جائزة الدولة في المسرح عام 1963 عن مسرحية "حلمك يا شيخ علام".
• تكريمها في عيد الفن عام 1978.
• ميدالية طلعت حرب بمناسبة مرور نصف قرن على صناعة السينما.
رحيل عقيلة راتب.. ونهاية مسيرة فنية عظيمة
وبعد مسيرة حافلة بالعطاء والنجاحات، رحلت عقيلة راتب عن عالمنا في يوم 22 من شهر فبراير عام 1999، بعد سنوات من المعاناة مع فقدان البصر، لكنها ظلت حتى لحظاتها الأخيرة رمزًا للقوة والإصرار، وأحد أعمدة السينما المصرية التي ستظل أعمالها خالدة في ذاكرة الفن العربي.