ذكرى وفاة حاتم ذو الفقار.. نجم أدوار الشر الذي انتهت حياته في عزلة

كانت هواتف الفنان حاتم ذو الفقار ترن بلا إجابة، في أحد أيام فبراير الباردة من عام 2012، حتى بدأ القلق يتسلل إلى قلوب أقاربه، الذين قرروا التوجه إلى منزله في القاهرة، وهناك كانت الصدمة رحل حاتم ذو الفقار وحيدًا، دون أن يشعر به أحد، ليبقى جسده مسجى في منزله لثلاثة أيام كاملة قبل اكتشاف وفاته.
هكذا انتهت حياة الفنان الذي ملأ الشاشة بأدوار الشر والنصب والاحتيال، واشتهر بملامحه الجادة وأدائه القوي، لكن خلف هذه الصورة الفنية، كانت هناك حياة مليئة بالصراعات والتحديات، انتهت بنهاية مأساوية.
حلم لم يكتمل.. من العسكرية إلى الفن
وُلد حاتم محمود راضي عام 1952 في قرية ساحل الجوابر بمحافظة المنوفية، وسط أسرة محافظة.
وكان والده يطمح أن يراه ضابطًا في الجيش، فألحقه بالكلية الحربية، لكنه لم يستطع الاستمرار بها لأكثر من عامين، إذ كانت روحه تتجه نحو الفن، فتركها والتحق بمعهد التمثيل، متحديًا رغبة أسرته.
وفي ذلك الوقت، كان يسكن بجوار الفنان صلاح ذو الفقار في حي العباسية، وتأثر به كثيرًا، حتى أنه قرر أن يحمل اسمه الفني "ذو الفقار"، ليبدأ مشوارًا فنيًا استمر لعقود، قدم خلالها ما يقرب من 89 عملًا فنيًا بين السينما والدراما والمسرح.
نجم أدوار الشر والمخادعين
وكان حاتم ذو الفقار يملك موهبة استثنائية جعلته يجيد أدوار الشر والمكر، فبرز في أفلام مثل الراقصة والشيطان، مسجل خطر، الخرتيت، الحناكيش، المدبح، الحلال والحرام، وغيرها من الأعمال التي جعلته واحدًا من أهم أشرار السينما المصرية في الثمانينيات والتسعينيات.
وفي الدراما، تألق في مسلسلات مثل رياح الخوف، طريق السراب، نساء في الغربة، كلام رجالة، كما كان له بعض المشاركات المسرحية، لكنها لم تكن كثيرة مقارنة بأعماله السينمائية والتلفزيونية.
حب وزواج لم يدم طويلًا
وعلى المستوى الشخصي، عاش ذو الفقار حياة عاطفية متقلبة، فتزوج ثلاث مرات، إحداها من الفنانة نورا، شقيقة الفنانة بوسي.
وكان زواجهما حديث الوسط الفني في ذلك الوقت، لكنه لم يستمر طويلًا، فبعد فترة قصيرة اكتشفت نورا أنه مدمن للمخدرات، فطلبت الطلاق فورًا، لينتهي الزواج في صمت.
كما تزوج من كريمة ابنة الصحفي الكبير إبراهيم الورداني، وزوجة أخرى من خارج الوسط الفني، لكنه لم يُرزق بأبناء.
الإدمان والسقوط في فخ المخدرات
ولم يكن الانفصال عن نورا هو الصدمة الوحيدة في حياته، بل كان الإدمان هو أكبر أزماته.
فخلال الثمانينيات والتسعينيات، أصبح اسمه متداولًا في قضايا المخدرات، حيث تم القبض عليه أكثر من مرة، إحداها عام 1987 بتهمة تعاطي وحيازة الهيروين، ليُحكم عليه بالسجن عامًا، ثم قُبض عليه مجددًا في 1994 و1995، لكنه حصل على البراءة في بعض القضايا، بينما حُكم عليه في أخرى.
وهذه الأزمات المتلاحقة أثرت على مسيرته الفنية، حيث بدأ المنتجون والمخرجون في الابتعاد عنه، فانطفأت أضواء الشهرة التي عاش تحتها لسنوات.
حادث سيارة غيّر مسار حياته
ولم يكن الإدمان وحده السبب في تراجع مسيرته، فقد تعرض لحادث سيارة خطير، خضع بعده لعملية تغيير مفصل في ساقه، مما أثر على قدرته على الحركة، وقلل من فرصه في التمثيل، فازدادت عزلته، وابتعد عنه الأصدقاء، ليجد نفسه وحيدًا دون عمل أو دعم معنوي.
وفاة في عزلة وحياة انتهت بصمت
وفي يوم 15 من شهر فبراير عام 2012، رحل حاتم ذو الفقار عن عمر ناهز 58 عامًا، في منزله بالقاهرة، حيث عاش أيامه الأخيرة في وحدة قاتلة.
ولم يكن حوله أحد، ولم يلحظ غيابه أي شخص، حتى حاولت عائلته الاتصال به دون رد، ليذهبوا إلى منزله ويجدوه ميتًا منذ ثلاثة أيام.
ونُقل جثمانه إلى مسقط رأسه في المنوفية، في جنازة بسيطة، حضرها عدد قليل من أقاربه وبعض زملائه في الوسط الفني.
ورغم كل ما مر به من صعوبات، لا يزال اسم حاتم ذو الفقار حاضرًا في ذاكرة السينما المصرية، كأحد أبرز نجوم أدوار الشر في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات.
وبينما انتهت حياته في صمت، لا تزال أفلامه ومسلسلاته تعيد إحياء موهبته الفريدة، ليبقى خالدًا في وجدان الجمهور.