حوار/ الشيخ أسامة قابيل: الأضحية سُنة مؤكدة.. ويجوز إعطاء غير المسلم منها

أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، وفي هذه الأوقات تكثر الأسئلة حول الأضحية وبعض الأحكام المتعلقة بها، إذ يرغب كثير من الناس في التضحية خلال هذه الأيام المباركة، وسؤال هل يجوز الجمع بين العقيقة والأضحية، وما هي شروط الأضحية يشغل بال كثير من المتابعين، ونرصد كافة الإجابات مع الشيخ أسامة قابيل من علماء الأزهر الشريف، الذي تحدث في حوار خاص لـ"وشوشة".
نص الحوار:
في البداية.. ما هي شروط الأُضحية؟
هناك شروط عامة، وهي أن يكون الحيوان حيا وقت الذبح، وأن يكون زهوق روحه بمحض الذبح، فلو اجتمع الذبح مع سبب آخر للموت يُغَلب المحرِّم على المبيح فتصير ميتة لا مذكاة، وألا يكون الحيوان صيدا من صيد الحرم، فلو ذُبح صيد الحرم كان ميتة سواء كان ذابحه محرما أم حلالا، ويشترط في الذابح أن يكون عاقلا، ومسلما أو كتابيا، وألا يكون محرما إذا ذبح صيد البر، وألا يذبح لغير اسم الله تعالى وهناك شروط خاصة بالحيوان: أن يكون من الأنعام، وهي الضأن والماعز والإبل والبقر ومنها الجاموس، يجزئ من كل ذلك الذكور والإناث وأن تبلغ سن التضحية، وهو أن تكون ثنية فما فوق من الإبل والبقر والماعز، أو جذعة فما فوق من الضأن؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً - أى ثَنِيّة - إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ». وتفسير هذه الأسنان فيه خلاف بين المذاهب نختار منها أن جذعة الضأن تبدأ من ستة أشهر فصاعدا، وأن ثنية المعز تبدأ من سنة، وأن ثنية البقر تبدأ من سنتين، ومن الإبل تبدأ من خمس وأن تكون سليمة من العيوب الفاحشة ومملوكة للذابح أو مأذونا له فيها، فلو غصب شخص شاة وضحى بها عن مالكها من غير إذن لم تقع عنه؛ لعدم الإذن، ولو ضحى بها عن نفسه لم تجزئ أيضا؛ لعدم الملك.
هل يجوز الجمع بين العقيقة والأضحية؟
يجوز الذبح فى عيد الأضحى بنية العقيقة وتجزئ هذه الذبيحة عن الأضحية لأنها ذبحت في ذمنها، يجوز ذبح خروف واحد بنية الأضحية وبنية العقيقة، ومع ذلك، ينبغي أن يتم النظر في الظروف الشخصية والاقتصادية للفرد وتحديد ما إذا كانت القدرة المالية تسمح بذلك أم لا، إذا كان بالإمكان تحمل تكلفة العقيقة والأضحية، ولم يتعارض الأمر مع الأحكام الشرعية، فلا مانع من القيام بالجمع بينهما.
وفقا للسنة النبوية.. هل الأضحية فرض أم سنة؟
الأضحية تُعتبر سنة مؤكدة وليست فرضا، وهي عبادة يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، تعمل على تعزيز التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تُشجع على إقامة الأضحية دون أن تعتبر إلزامية، منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" (متفق عليه) لو كانت الأضحية فرضًا، لكان من الواجب على الصحابة تنفيذها دائمًا، ولكن نجد أن بعض الصحابة في بعض الأحيان ومنهم سيدنا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطام، لم يكونوا يضحون، وهذا يدل على أنهم لم يرَوا الأضحية فرضًا.
ما هي شروط ذبح المرأة للأضحية؟
شروط ذبح المرأة للأضحية هي تمامًا شروط ذبح الرجل للأضحية، ويتطلب من المرأة أنه مع دخول العشر أيام الأولى من الشهر العربي ذي الحجة، عدم قص الشعر وأيضا الأظافر حتى تضحي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ)رواه مسلم..
والشروط هي أولا: يجب على المرأة أن تكون قد بلغت سن البلوغ، حيث تصبح مسؤولة عن أفعالها الشرعية، ثأنيا العقل: يجب أن تكون المرأة عاقلة وبصحة عقلية سليمة، حتى تكون مسؤولة عن أفعالها، وكذلك ثالثا القدرة المالية يجب على المرأة أن تكون لديها القدرة المالية لشراء الحيوان المناسب للذبح، أو أن تشارك في تكاليف شراء الأضحية مع أفراد الأسرة الأخرى إذا كانت غير قادرة بمفردها، رابعا الشروط الفنية: يجب أن يكون الحيوان الذي تريد المرأة أن تذبحه مطابقًا للشروط الشرعية المعروفة، مثل أن يكون سليمًا من العيوب الظاهرة وأن يكون بالغًا من العمر.
هل الأفضل.. الأضحية أم الصدقة؟
تعتبر الأضحية من الطقوس الدينية المهمة في الإسلام، حيث يتم ذبحها خلال أيام عيد الأضحى المبارك من أجل التقرب إلى الله، وتعتبر عبادة خاصة بأوقات معينة ولها فوائد اجتماعية كبيرة مثل توزيع اللحوم على الفقراء والمحتاجين، أما الصدقة هي الإنفاق على الفقراء والمحتاجين والمستحقين في أي وقت من السنة، وهي عبادة مستمرة يحث عليها الإسلام في كل الأوقات والظروف؛ لأنها تعتبر وسيلة لتطهير النفس وتقوية العلاقة مع الله وتحقيق البركة في المال ففى أيام عيد الأضحى المبارك، تكون الأضحية أفضل بسبب تشريعها في هذا الوقت والدعوات المتعلقة بهذه العبادة خلال هذه الفترةـ بينما في باقي الأيام من السنة، تكون الصدقة أفضل لأنها عبادة مستمرة وتستطيع إفادة الناس في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى المساعدة.
هل يجب أن يذبح المضحي ذبيحته بنفسه؟
يستحب أن يذبحها بنفسه إن قدر على الذبح؛ لأنه قربة، ومباشرة القربة أفضل من تفويض إنسان آخر فيها، فإن لم يحسن الذبح فالأولى توليته مسلما يحسنه، ويستحب في هذه الحالة أن يشهد الأُضْحِيَّة، قد يكون المضحي غير قادر على الذبح لعدة أسباب، مثل عدم القدرة البدنية، أو عدم توفر المهارة اللازمة، أو لأسباب أخرى متعلقة بالظروف الشخصية، في هذه الحالات، يمكن للمسلم تفويض غيره للقيام بالذبح نيابة عنه، سواء كان ذلك من قبيل العائلة أو الأصدقاء أو الجمعيات الخيرية المعتمدة.
هل يجوز الاشتراك في الأضحية؟
نعم، يجوز الاشتراك في الأضحية بين عدة أشخاص، وهذا مشروع شرعًا ومقبول في الإسلام، الاشتراك في الأضحية يكون عادةً لتوفير التكاليف والتسهيل على الناس، خاصةً لأولئك الذين قد لا يكون لديهم القدرة المالية لذبح أضحية كاملة بمفردهم الاشتراك فى الأضحية بشرطين، الأول: أن تكون الذبيحة من جنس الإبل أو البقر، ولا يجوز الاشتراك فى الشياه الشرط الثانى للاشتراك فى الأضحية هو البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة بشرط ألا يقل نصيب كل مشترك عن سبع الذبيحة. ويجوز أن تتعدد نيات السبعة، ويجوز أن يتشارك المسلم مع غير المسلم فيها، ولكل منهم نيته؛ لما رواه مسلم عن جابر رضى الله عنه قال: "نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ؛ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ".
ما حكم إعطاء غير المسلم من الأُضحية؟
الإحسان والعطاء والتكافل من القيم الإسلامية، وليست مقتصرة فقط على المسلمين، بل تمتد لجميع البشر بغض النظر عن ديانتهم، وبالتالى يجوز إعطاء غير المسلم من الأضحية لأن السنة للمضحى أن يأكل ويتصدق ويهدى منها، واستحب كثير من العلماء أن يقسمها أثلاثاً: ثلثاً للادخار والأكل، وثلثاً للصدقة، وثلثاً للإهداء.
أخيرا.. ما حكم ذبح الأضاحي فى الشوارع وترك مخلفاتها فى الطرقات وعدم القيام بتنظيف هذا؟
يجب أن يتم ذبح الأضاحي في الأماكن المخصصة لذلك، مثل المسالخ أو الأماكن التي حددتها السلطات لهذا الغرض، ومن المهم جدًا أن يُحافظ المسلمون على نظافة الشوارع والأماكن العامة، وأن يتولوا تنظيف أي مخلفات ناتجة عن عملية الذبح ترك مخلفات الذبح في الشوارع يعد سلوكًا غير مقبول ومخالفًا للقيم الإسلامية والمبادئ البيئية والقوانين، وقد يتسبب في الإضرار بالصحة العامة ويؤدي إلى انتشار الأمراض وتعريض الناس للأذى. لذلك، يجب على المسلمين القيام بتنظيف الشوارع والأماكن العامة بعد إتمام عملية الذبح، والتخلص من مخلفات الذبح بطريقة آمنة وملائمة.