نعمة الأفوكاتو.. العمل الدرامي كما ينبغي أن يكون

ربما يكون سر نجاح نعمة الأفوكاتو هو وجود أبطال يحملون مسؤولية النجاح والتميز على عاتقهم فاحتوي المسلسل على مجموعة من الممثلين المخضرمين.

فظهرت لنا مي عمر وهى متمكنة في آداء شخصية المحامية الجنائية الحقيقية، فلو نزلت على أرض الواقع ودخلت المحكمة لرأيت التشابه بين نعمة وما يمثلها في الحقيقة، استطاعت مي عمر أن تملك قلوب المشاهدين لبساطة آدائها وتمكنها من التعبير عن مشاعرها المتغيرة من مشهد لآخر، أيضا للشبه الكبير بينها وبين الناس البسيطة اللذين يشاهدونها، وبين أفعالها وأفعالهم وبين أحلامها وأحلامهم، ففجأة تحصل نعمة على ١٠ مليون لكنها تقرر أن توزع أموالها على من حولها دون أن تفكر في نفسها لحظة، وبالتأكيد كثير من نعمة موجود على أرض الواقع بين نساء مصر المتميزات المحبات من قلوبهن بصدق، فالحمد لله على نعمة وجود نعمة الأفوكاتو في رمضان.

وظهر لما أحمد زاهر في شكل جديد بين الزوج الاستغلالي وخفيف الظل في آن واحد، فتارة تكرهه وتارة أخرى تضحك على أفعاله، فشخصية صلاح زوج نعمة الذي تزوج عليها سارة مكاتب وقام بدفنها في المقابر بعدما أصابتها سارة في رأسها شخصية ضعيفة مليئة بالأمراض النفسية والإحساس بالنقص لا يستطيع أن يحب غير نفسه، هذه الشخصية التي لا يستطيع أن يقوم بآدائها إلا من كان متمرس يستطيع أن يجعلك تكرهه وتضحك على أفعاله في آن واحد.

أما ياسين الألفي فكان دون جوان مسلسل نعمة الأفوكاتو، أبهر عماد زيادة جمهوره فظهر بشخصية الشاب الغني الذي وقع في حب نعمة لكنه مجبر على الصمت لأنها في عصمة رجل آخر، إلا أن تأتيه الفرصة بعد خيانة زوج نعمة، نجح عماد زيادة في توصيل مشاعره بنجاح وصدق وأكد لجمهوره أنه يمتلك من الموهبة أشياء كثيرة لم تظهر بعد، فاستطاع أن يصل لنا إحساس ياسين تجاه نعمة واستطاع أيضا أن يمتلك قلوب المشاهدين.

ووجود كمال أبو راية أضاف الكثير للعمل فهو سعيد أبو علب والد نعمة الأفوكاتو المحامي الذي علم نعمة كل شئ لكنه لم يستطيع أن يحقق النجاح في هذه المهنة فقرر أن يكتفي بالجلوس في منزله ويلعب الشطرنج مع صديق عمره، وعلى الرغم من بساطة الشخصية إلا أن كمال أبو راية قام بآدائها بشكل لافت للإنتباه وأسلوب راقي فظهر الأب الحنين الغير راض عن أفعال ابنته في خضوعها لزوجها واختيارها له لكنه بالنهاية الأب السند الذي يقف بجانب نعمة ولا يتركها لحظة بعد خذلان زوجها لها، قدم كمال أبو راية الكثير من الشخصيات المعقدة لكن على الرغم من بساطة الشخصية التي أمامنا لكننا بالفعل نرى نموذج حقيقي وصادق للأب.

أما سارة مكاتب التي أصبحت حديث السوشيال ميديا بسبب إثارتها للجدل، فنجحت أروى جودة في تقديم شخصية سارة الاستغلالية المحبة للمال ذات السمعة السيئة "خطافة الرجالة"، وربما لو تعمقنا في شخصية سارة سنجد أنها من أعقد شخصيات المسلسل فعلى الرغم من كل أفعالها إلا أنها كانت تأتي عليها لحظات ضعف كثيرة، فظهر الخوف عليها وتملكها وجعلها هشة من الداخل لكن سرعان ما تعود لأفعالها في توقيع الرجال فتقع في شر أعمالها.

وربما يكون سر نجاح نعمة الأفوكاتو هو السيناريو والحوار والفكرة التي قدمها محمد سامي مع مهاب طارق فشكلا قالب من الدراما ذات أحداث شيقة وصراع دائم وبناء درامي سليم ساهم في جذب الإنتباه ونجاح المسلسل وأحداث متصلة ومحكمة ومترابطة ساهمت بشكل كبير في إصرار المشاهد على متابعة الحلقات حلقة بعد آخرى.

أما الإخراج فبالتأكيد هو سر النجاح فالمخرج هو المتحكم في كل أبعاد العمل الفني، فاستطاع محمد سامي أن يكون هو الجوكر في هذا الموسم الرمضاني، وكعادته كل عام يفاجأنا بأعمال ترسخ في أذهان الجمهور وتنجح وتحصل على حديث البيوت المصرية، فما من مكان تدخله إلا وتسمع جملة "أنا بتفرج نعمة الأفوكاتو"، فيعتمد محمد سامي على أسلوب إخراج متمكن فيبدع في كتابة الفكرة، ويتميز في اختيار زوايا التصوير والموسيقى التصويرية المعبرة، ويبهر جمهوره في اختياره لفنانين العمل، ويتقرب من المشاهدين بعد تقديمه لهم مسلسل يستطيع أن يدخل البيوت دون أي خجل ويتجمع الأسرة لمشاهدته والتعليق على أحداثه المثيرة والمشوقة.