مسلسل "اللعبة".. الكوميديا كما يجب أن تكون‎!

من الأشياء التي تواجهها الدراما المصرية هى قدرة فريق العمل على جذب المتفرج إلى مشاهدة الحلقة الأخري، وهذا ما نجح فيه فريق عمل مسلسل "اللعبة"، ليس هذا فحسب بل النجاح الأكبر كان داخل الحلقة نفسها، فجميع المسلسلات تبدأ الأحداث بشكل تصاعدي في أول عشر حلقات وتتصاعد الأحداث ثم بالمنتصف تأتي ذروة الأحداث وبنهاية عشر حلقات يأتي الحل، أما مسلسل "اللعبة" فنجد بداية ووسط ونهاية بكل حلقة وتأتي ذروة الأحداث مع كل تحدي جديد.

تدور أحداث مسلسل اللعبة حول شخصين "مازو" هشام ماجد، وويسو "شيكو"، في حبهما الشديد للتحدي مع بعضهما البعض منذ طفولتهما مما دفعهما لاستكمال هذا التحدي وهم كبار ويقرر مازو الزواج من أخت زوجة ويسو حتى يستطيع استكمال التحديات ويكون بجانبه، كان التحدي الأول بسيط وهو الضرب على الوجه، إلى أن تحدث المفاجآة، وتأتي لهم "اللعبة" التي تدور أحداثها المسلسل فسيطر عليهم سيطرة كاملة.

لم يعتمد مسلسل اللعبة على كوميديا الإيفهات بل اعتمد على كوميديا الموقف وهى الكوميديا التي تخلق من وجود موقف معين وحالة معينة، وبالضرورة هذا النوع من الكوميديا يبقى مع مرور السنين ولا ينسى. 

 

لم تقدم كوميديا مسلسل اللعبة للإمتاع فقط فحرص السيناريو على وجود رسالة بالعمل أيضا، فتحولت الكوميديا إلى كوميديا سوداء بسبب ما حدث لأبطال العمل من اللعبة التي استهلكت، وسيطرت عليهم سيطرة كاملة.

 

شيكو وهشام ماجد 

البعض يصف الآداء الكوميدي بالصعوبة فهي لا تصنع إلا بواسطة الممثل خفيف الظل، مما يحفز بعض الفنانين على فعل الآداء المبالغ فيه أو "الأوفر" كما نقول، معتقدين بذلك النجاح في وجود الضحك، لكن الأمر يصبح سئ على الإطلاق، أما بطلي "اللعبة" فلا يحتاجون لمثل هذه الأشياء فالكوميديا لديهم موجودة بالفطرة دون أي مجهود منهم، وهذا ما يزيد من حب الجمهور لهم يوما بعد يوم، فهم لا يعتمدون على كراكتر ثابت لتقديم الكوميديا، فبآدائهم المرن يأخذوك في عالم آخر ملئ بالضحك والنكات، أما رؤيتهما سويا فهذه من الأشياء المستدعية للضحك بمفردها، وكثير من المشاهد التي يتذكرها الجمهور ممن جمعتهما وخلدت في الأذهان.

 

ميرنا جميل

ذلك التنوع والتحول بين الجاد والكوميدي استطاعت أن تدركه الفنانة ميرنا جميل، بدور إسراء المدبولي فمن خلال ملامحها المرنة جمعت بين الكوميديا والمشاهد الأخري بسهولة ويسر، ولا يتضمن ذلك بالمشاهد المتفرقة فقط، فحققت الأصعب من ذلك من خلال التحول بالمشهد ذاته لتصنع ميرنا المفارقة التي تغلب علينا الضحك، امتلكت أيضا ملامح مرنة تستطيع من خلال الوصول للتعبير المرغوب به وإيصاله للجمهور أيضا بسهولة ويسر... وقلائل من الفنانات خاصة من جيلها الذي استطاع أن يقدم هذا المحتوى المتنوع من بين أدوارها، لذا يمكننا القول بأنها حققت المعادلة الصعبة، ولمعت في قلب المتفرج بكل مشهد ظهرت فيه بمسلسل اللعبة.

 

مي كساب 

المعني الحقيقي لنضج الممثل، فقليلا من المطربات التي استطاعت أن تجمع بين الغناء والتمثيل، وهذا ما استطاعت مي كساب أن تفعله، ودخلت مغامرة الكوميديا التي فشل بها كبار الفنانات، فكان التحدي الأكبر هو نجاحها في الكوميديا، تفاجأنا مي كساب بعد كل شخصية تقدمها لنا، خاصة شخصية شيماء المجنونة التي تعاني من إضطراب نفسي ففي ميرنا جميل بارعة في تصوير الإحساس بملامح وجهها، فتعبيرات وجهها كانت معبرة إلى حدا كبير، فقدمت شخصية إسراء زوجة وسيم وتربطهما علاقة حب قوية، تتصف إسراء بالطيبة والالتزام، فتميل لتقديم الشخصية المثالية، لكن على الرغم من ذلك شاركت بالكوميديا خاصة بالمشاهد التي تجمعها مع زوجها بالعمل حيث اتفقا على الفصل بين البيت والعمل وكأنهما لا يربط بينهما أي صلة.

 

عارفة عبدالرسول 

رؤيتها وحدها تجلب للسعادة خاصة أنها مثال جيد للفنان المبدع، وساهم في هذا الابداع أعمالها المسرحية والوقوف أمام الجمهور، هى شوشو أم أسراء وشيماء وتشترك شويكار مع أزواج بناتها، من أجل الحصول على أمام مما ساعدها في تجسيد العديد من الشخصيات المختلفة التي أظهرت براعتها فيها.

 

سامي مغاوري

"بسبوسة"، من ألطف الأدوار التي قدمها خاصة وأن أغلب أعماله لا تنتمي للكوميديا إلا أنه كان موفق إلى حد كبير، وازداد جمالية الأحداث خاصة بعد زواجه من شويكار "عارفة عبد الرسول".

يمكننا القول بأن مسلسل "اللعبة" أصاب في اختياره لفريق العمل، فكانت كل شخصية مكملة للشخصية المتحدة معها، ولم تكن اللعبة بداخل المسلسل وحده بل كان العمل نفسه لعبة، فظهر تحدي ولعب بين فريق العمل وبين الجمهور، وانتصر بالنهاية كل من شارك بمسلسل "اللعبة" في رضا تام من الجمهور بسبب المتعة التي وصل إليها، فكان "اللعبة" إنتاج لعملا خالصا مخلصا من القالب الكوميدي المحشو بكثير من الإبداع.