فيلم "الفلوس".. النصب في أبهى صوره‎

حالة من الشعور بـ"النصب" ستعيشها أثناء مشاهدتك لفيلم "الفلوس"، فأحداث الفيلم تتبلور حول شخصين "تامر حسني" و "خالد الصاوي" ممن يقومون بالنصب على الأشخاص من أجل الحصول على "الفلوس".  

فالفلوس هى التيمة الرئيسية للفيلم التي جعلت البطل يتساءل في بداية الأحداث "احنا اللي بنصنع الفلوس ولا الفلوس اللي بتصنعنا"، "ابن الناس مش اللي معاه فلوس.. ابن الناس اللي أهله ربوه كويس"، هذه الجمل الحوارية التي وظفها المؤلف محمد عبد المعطي والتي قيلت بواسطة "تامر" لينصب بها على الجمهور ويقنعه بأنه يريد التوبة ويتمنى التخلص من هذه الوظيفة.  

اعتمد الفيلم في البداية على "الفلاش باك" فنرى تامر حسني وخالد الصاوي اجسادهم متعلقة وكأنهم على وشك الموت إذا تساقط أحدا منهم، ثم تبدأ أحداث الفيلم بالتعرف على الشخصية الأولي الذي يقوم بالنصب على النساء في عمل حيلة للدفاع عنهم إلى أن يدخل منزلهم بإرادتهم ثم سريرهم "بإرادتهم أيضا" ثم يسلب من خزنتها كل شئ وهو ما فعله مع الفنانة زينة التي تظل تبحث عنه وتجده وتواجهه فيقدم لها كل أشيائها من أجل أن ينصب نصبته الكبرى، فهو يتمنى أكبر من مجرد خزنة، وذلك بالاتفاق مع خالد الصاوي الذي يساعده في الاستيلاء على أموالها، لكنه يقع في حبها، تدور الأحداث وتدور معها رأس الجمهور في عدم الاستقرار على الضحية والجاني، فيكتشف الجمهور أن موضوع التوبة عن النصب وهما، وحبه لضحيته وهما، وجميع الأحداث متفق عليها لخداعه. 

وعلى الرغم من أن احتواء الفيلم على تيمة تقليدية في وجود نصابين ومحاولتهم الدائمة للحصول على الأموال إلا أن دعمها بفكرة عدم التوقع ساهم بشكل كبير في جذب انتباه المشاهد. 

واستطاع المخرج سعيد الماروق أن يدعم تلك الحالة من خلال استخدامه للجرافيك في تتر الفيلم، ففي بداية الفيلم تظهر جميع أحداث الفيلم من خلال الجرافيك وقت كتابة أسماء الممثلين ويكتشف الجمهور أنه تعرض لعملية نصب هو الآخر من خلال رؤية أحداث الفيلم دون أن يلاحظ ذلك، ووفق "الماروق" في تجسيد بعض المشاهد التي صورت وكأنها حلبة مصارعة بين البطلين وهم في صراع بينهما أثناء كشف كلا منهما لنية الآخر لكن هذا الكشف أيضا كان وهما، وبالاتفاق بينهما وكأن الضحية الحقيقية هو الجمهور.  

أما من حيث الآداء التمثيلي فنأخذك في جولة حول أبطال الفيلم التي قسمت بشكل عادل وكأنها قسمة "فلوس" فنحن أمام رجلان وإمرأتين وشخصا يمثل رمانة الميزان.

تامر حسني 

كعادته يجمع بين التمثيل والغناء بأفلامه واستطاع بهذا الفيلم من خلال آدائه التمثيلي ومرونته أن يخدع المشاهد لأكثر من مرة، هذا الخداع الذي ساهم في التركيز عليه وعلى تصرفات الشخصية بالفيلم والالتفات الجيد لكل ما تقوله، وجمع بين الكوميديا والأكشن والتراجيديا الخادعة، لكنه لم يظهر بالآداء التمثيلي الذي ظهر عليه مؤخرا وربما سبب من هذه الأسباب هو مرونة الشخصية التي قدمها خاصة وأنه قدمها أكثر من مرة في أعماله السابقة وهى شخصية "الشاب الفهلوي" القادر على فعل أي شئ. 

خالد الصاوي

اعتدنا على تمثيله السهل بتعبيرات وجهه المضحكة ولم تستطع الشخصية التي قدمها أن تبرز قوة آدائه التمثيلي لكنه بالضرورة لن يترك الشخصية إلا بعد أن يضع بصمته عليه، لم يستخدم "الصاوي" قدراته التمثيلية بهذا الفيلم وذلك ربما لأن الشخصية لا تستدعي أكثر من ذلك". 

زينة  

رؤية زينة بجانب تامر حسني كان من الأشياء التي تودعنا عليه بفترة من الفترات، وأصبح كما لو كان طلاح ذو الفقار بجانب شادية وارتباطهم ببعضهما البعض، وتامر وزينة ذلك الثنائي الذي جمع بين الرومانسية والكوميديا، فرجوعهم مرة أخرى بداية مبشرة لوجود أفلام أخرى ستكون أكثر تميزا في الفترة القادمة. 

عائشة بن أحمد  

ظهرت عائشة بن أحمد بوجهين مختلفين فهي المساعد والضد فأحيانا كانت مساعدة "لزينة" لأنها صديقتها التي تقدم لها النصائح لرجوع أموالها وأحيانا أخرى هى التي تعمل لمصلحتها لتأخذ نصيبها من هذه الأموال، لكنها بالنهاية تظهر بصفة المساعدة. 

محمد سلام 

كان الفنان محمد سلام "فاكهة" هذا الفيلم فقدم الجانب الكوميدي الذي كان يفصل الجمهور أحيانا عن التفكير الدائم، وظهر ذلك بأكثر من مشهد جمعه بالفنان تامر حسني. 

بالنهاية لم يفلح هؤلاء النصابين في نصبتهم وظهر من ينصب عليهم وتحولت الفلوس إلا ورق أبيض أدى إلى خسارة كل ما فعلوه من خطط وأحداث، سيكتشف الجمهور من خلال هذا الفيلم صحة عدم الثبات على حقيقة واحدة والتأرجح بين الأدلة فلا يوجد دليل ثابت ولا يوجد توقع سيتوقعه الجمهور بشكل صحيح، فنجح صناع العمل في الكشف عن سرد حقيقة "الفلوس".