لميس الحديدي.. صوت العقل الجريء وسط صخب التريند

لميس الحديدي
لميس الحديدي

في مشهد إعلامي مزدحم بالأصوات المتكررة والشخصيات العابرة، تفرض لميس الحديدي نفسها كواحدة من القلائل الذين ما زالوا يحتفظون بثقل الكلمة وهيبة الميكروفون إعلامية مخضرمة، لا تعتمد على الصخب لتكون في التريند، بل تكفي جملة واحدة، موقف جريء، أو سؤال مفاجئ، ليصبح اسمها على لسان الجميع، من جمهور البرامج السياسية إلى متابعي الدراما والرياضة وحتى المهتمين بقضايا الشارع.


إنها صوت واعٍ، وإيقاع مختلف في نشرة الأخبار غير الرسمية التي أصبحت برامج التوك شو تلعب دورها الآن في زمن السرعة والتفاعل اللحظي، طورت لميس أدواتها، وبقيت حاضرة بذكاء وخبرة، تواكب السوشيال ميديا دون أن تنجر خلف تفاهتها، وتواكب نبض المواطن دون أن تتخلى عن رصانتها الإعلامية.

 

سواء كانت تناقش تفاصيل موازنة الدولة، أو تعلق على مشهد درامي في مسلسل يشغل الرأي العام، أو حتى تفتح ملفًا اجتماعيًا شائكًا، فإن حضور لميس الحديدي على الشاشة لا يمكن تجاهله عينها دائمًا على المواطن، وحديثها لا يتوجه للنخبة فقط، بل يخاطب الشارع، والأسرة، والمرأة، والشباب، بلغة واضحة وواقعية.

في الفترة الأخيرة، تصدرت لميس الحديدي التريند أكثر من مرة، ليس فقط بسبب القضايا التي تتناولها، وإنما بسبب طريقة تناولها نفسها جملتها الشهيرة "إحنا مش هنعدّي دي كده" أصبحت عنوانًا لمواقفها، حيث ترفض تمرير الخطأ، أو التغاضي عن الحقائق، حتى لو تسبب ذلك في إحراج بعض المسؤولين أو الضيوف.

 

وراء الكاميرا، تبدو لميس الحديدي بشخصية مختلفة قليلًا عن تلك الصلبة على الشاشة هي زوجة للإعلامي عمرو أديب، وامرأة عاملة عاشت التحدي المزدوج بين المهنة والحياة الشخصية، وغالبًا ما تتحدث عن هذه التحديات بحس إنساني في لقاءاتها القليلة، مما يجعل جمهورها يشعر أنها "منهم" وليست فقط عنهم.

ورغم علاقتها الدائمة بالأخبار والتحليلات السياسية والاقتصادية، لا تُخفي لميس شغفها بالدراما والفن، وتعتبره مرآة المجتمع التي لا تقل أهمية عن القوانين والسياسات، بل إنها من أوائل الإعلاميات اللاتي ربطن بين الفن والوعي الاجتماعي، وناقشت تأثير المسلسلات والأفلام على الرأي العام بقوة.

 

أبرز ما يميز لميس الحديدي هو إصرارها على تخصيص وقت في برنامجها لقضايا الناس البسيطة من مشكلات الصحة والتعليم، إلى شكاوى الموظفين وأحلام الشباب، تعطي الميكروفون لمن لا صوت لهم لا تكتفي بالنقد، بل تحاول دائمًا أن تطرح حلًا أو على الأقل تفتح الباب أمام من يملك القرار ليتدخل.

وعندما تتناول قضايا المرأة، فإنها تفعل ذلك دون شعارات أو عناوين براقة بلغة هادئة، ولكن بإصرار واضح، تدافع عن حق المرأة في العمل، والأمومة، والحماية، والتعليم، وتنتقد الصور النمطية، وتسلط الضوء على النماذج الإيجابية.

 

اللافت في رحلة لميس أنها تريند مستمر، وليس لحظة عابرة ليس لأنها تثير الجدل من أجل الانتشار، بل لأنها تختار الملفات الأهم، وتناقشها بطريقة تصنع تأثيرًا حقيقيًا حتى من يختلف معها، لا يستطيع إنكار مهنيتها، ولا يمكنه أن ينفي تأثيرها.

في زمن أصبح التريند فيه سلعة، تحافظ لميس الحديدي على قيمة الإعلام الحقيقي حضورها لا يُشترى، ومكانتها لا تُصنع بقرار.. بل تُبنى كل يوم، على الهواء، بالكلمة والموقف والشجاعة.

 

هل نجاح لميس الحديدي في كسر الصمت وفتح الملفات المسكوت عنها هو سر تصدّرها للتريند؟ أم أن الجرأة وحدها لم تعد كافية في ساحة الإعلام المزدحم؟

تم نسخ الرابط