في ذكرى سمير غانم… سيد مقام الضحك العالي

سمير غانم
سمير غانم

كان يمشي بخفة، لكنّه يُثقّل اللحظة بحضوره.
لا يُعلن عن نفسه،
لكن يكفي أن يدخل الكادر…
لينكمش الزمن،
ويكبر الضحك في صدور الناس.

لم يكن ممثلًا، بل مزاجًا عامًا من البهجة،
نظامًا خاصًا في فنّ العيش،
وطقسًا خفيًّا لمقاومة التقل،
بجرعة هادئة من الجنون اللذيذ.

كان حين يصمت… يضحكنا.
وحين يتهته… نهدأ.
وحين يُغني، نعرف أن “الفوضى الجميلة” ممكنة،
وأنّ الكوميديا ليست حرفة،
بل روحٌ خفيفة تعرف الطريق إلى القلب دون استئذان.

لم يقل جملًا عبقرية،
لكنه جعل من البسيط أيقونة،
ومن اللمسة الخفيفة فعل بقاء.
كان يرى الإنسان في تفاصيله…
في غرابته، في هشاشته،
ويحوّله إلى مرآة نضحك فيها على أنفسنا…
فنرتاح.

على المسرح، لم يكن يؤدي دورًا،
كان يسكن الدور،
فيصبح النص أوسع،
والديكور أكثر حياة،
والمقاعد… أقل توترًا.

في البيت، كان زوجًا لامرأة هادئة…
تكمل نقصانه بلطف،
وتحب صخبه بحبٍّ عاقل.
رحلت بعده بقليل،
لأن بعض القلوب لا تتقن الوحدة،
ولا تقبل العالم ناقصًا.

وفي بناته، ترك نصفين من صوته…
صوت يُغني في دنيا،
وصوت يهمس في إيمي.
ضحكتهما ليست صُدفة،
ولا موهبة وراثية،
بل تربية على أن الخفّة مش ضعف، بل نعمة.

رحل كما عاش…
هادئًا، بسيطًا، بلا استعراض.
لم يترك خطبة وداع،
لكن ترك أرشيفًا من الطبطبة،
نرجع له كلما ثقل العالم.

تم نسخ الرابط