“الكاتب الذي جعل الواقع أكثر دهشة من الخيال: يوسف إدريس في السينما”

في ذكرى ميلاده، لا نحتفل فقط بالكاتب، بل بالرجل الذي التقط نبض الشارع، ووضعه في قلب الورق، ثم دفعه إلى الشاشة الكبيرة.
يوسف إدريس لم يكن يكتب قصصًا… بل كان يفتح نوافذ على أرواح الناس.
كان يعرف كيف يحول المأساة إلى سؤال، والهمس إلى صرخة، والعادي إلى استثنائي.
أفلام كثيرة خرجت من تحت جلده، لا من حبر قلمه فقط…
لأن كتابته كانت تشبه الممثل الجيد: تُجيد تقمّص الوجع، وتمثيل الحقيقة.
في “الحرام”
كانت فاتن حمامة لا تؤدي دور فلاحة… بل كانت تتحول إلى نَفَس الأرض المكبوت، وجسدها المقهور، وصرختها المكتومة.
لم تكن تمثل، كانت تحكي باسم آلاف النساء اللاتي لم يستطعن البوح.
في “النداهة”
يوسف إدريس مزج بين الفلكلور والغريزة، بين الجنيّة والمرأة، بين الشوق والخوف.
في كل سطر، كانت هناك لعنة ما… لعنة الجمال الغامض الذي يجرّك للهاوية وأنت تبتسم.
في “العيب” و”حادثة شرف”
سأل أسئلته الخطيرة عن الشرف والمعايير المزدوجة، وكأنّه يضع المرآة أمام وجه المجتمع… ويطلب منه أن يرى نفسه عاريًا.
⸻
لم تكن أفلام يوسف إدريس مجرد اقتباسات، بل كانت تحولات.
تحوّل القصة إلى قضية، والهمس إلى صدى، واللقطة إلى وجع يتردد في القلب.
يوسف إدريس لم يكن يحلم فقط بأن يرى أعماله على الشاشة، بل أن يوقظ المشاهد من سباته…
أن يتركه حائرًا، متألمًا، أو متطهّرًا… لكنه أبدًا ليس كما كان قبل أن يشاهد.
⸻
يوسف إدريس لم يكتب أدبًا يُقرأ فقط… بل أدبًا يُرى ويُعاش.
ولهذا، بقي في الذاكرة، ليس ككاتب فقط، بل كمخرج خفيّ لكل ما صوّره قلمه من مشاهد لم يكن لها مخرج أفضل منه