هبة عبدالغني: "المداح" يُنافس الأعمال العالمية.. وأؤمن بوجود الجن والعالم الآخر (حوار)

هبه عبد الغنى
هبه عبد الغنى

في أجواء مليئة بالتشويق والغموض، استطاعت الفنانة هبه عبدالغني أن تخطف الأنظار بشخصية "ناصرة" في الجزء الخامس من مسلسل "المداح"، والتي أثارت تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي.

في حوار خاص عبر “وشوشة”، كشفت هبه عن تفاصيل تجربتها، التحديات التي واجهتها، وردود الأفعال التي فاجأتها، ملقيةً الضوء على كواليس العمل وأسرار شخصيتها الاستثنائية.

وإلى نص الحوار..

في البداية.. ما سبب موافقتك على المشاركة في الجزء الأخير من "المداح 5"؟

يعود سبب موافقتي على تجسيد شخصية "نُاصرة" إلى طبيعتها الاستثنائية التي لم يُسبق لي تقديم ما يشبهها، سواء في أعمالي السابقة أو في أي تجربة مماثلة.

 فعلى الرغم من مشاركتي في عملٍ ذو طابعٍ مرعبٍ وهو مسلسل "وادي الجن"، إذ جسدت شخصية ساحرة شريرة، فإنها تختلف تمامًا عن "ناصرة " في السمات والطباع، حتى في أدق التفاصيل.

يتمثل التحدي هنا في تعقيدات الشخصية التي تشبه بنسبة 60% -تقريبًا- أنماطًا واقعية لبعض النساء، مما أثار حماسي لتقبل الدور، رغم اعتذاري عن عروض أخرى ذات حجم أكبر في أعمالٍ مختلفة.

دورك يتطلب لغة جسد خاصة ونظرات حادة.. هل اعتمدتِ على مدربين متخصصين أم كانت من ابتكارك؟

هذا السؤال قد يُجبرني على كشف سرّي الخاص في عالم التمثيل، سرّي الذي أحرص على إخفائه؛ لأنه ثمرة جهد طويل وتجارب عديدة وساعات من المذاكرة والبحث. 

فالإنسان يعمل على تطوير ذاته بلا توقف؛ ليحقق نتائج أفضل، وليصل إلى أعلى درجات المصداقية في أدائه دون أن يُلحق الضرر بنفسه أو بحياته الخاصة، وهذا لا يتحقق إلا بالتدريب المستمر والالتحاق بمدارس التمثيل المختلفة.

الحمدلله، أؤمن بضرورة تطوير المهارات كل فترة، وأحيانا أجد نفسي بحاجة إلى الانضمام لدورة تدريبية جديدة، أو استكشاف أحدث التقنيات في عالم الكاميرات والتصوير؛ لذلك أحرص على متابعة الأعمال الفنية المُتنوعة، وهو ما ساعدني على الوصول إلى مستوى أعلى من الصدق الفني في أدائي، يقترب من الدرجة التي أطمح إليها.  

هل واجهتكِ تحديات معينة في تصوير جوانب الشخصية المعقدة؟

واجهت صعوباتٍ كبيرة خلال تصوير مشاهد "نُاصرة"، لا سيّما في المشاهد الأولى التي سببت لي قلقًا شديدًا من عدم إتقان التفاصيل الدقيقة للشخصية، خشية الإخلال بمسؤوليتي تجاه زملائي المبدعين.

لكن هذا التوتر تلاشى تدريجيًّا بفضل الإرشادات الواعية للمخرج أحمد سمير فرج، الذي اعتمد أسلوبًا تدريجيًا في تصوير المشاهد، مع تركيزه على الغوص في أعماق الشخصية عبر حوارات مطولة ساعدتني على فهم دوافعها.


هل أضفتِ لمساتكِ الشخصية على تصميم الأزياء وملابس الشخصية؟  

بحكم امتلاكي بعض الخبرة في شأن عادات الصعيد، لم يكن تجسيد "ناصرة " يقتصر على الأداء التمثيلي فحسب، بل شمل أيضًا التعاون الوثيق مع فريق الأزياء والمكياج لبناء مظهرها المميز.

 فعلى سبيل المثال، اقترحت طريقة معينة لارتداء "الطرحة" الصعيدية، مستوحاة من خبرتي مع أفراد عائلتي من الصعيد، والتي لاقت قبولًا كبيرًا من مصمم الأزياء الأستاذ حسن، ووافق عليها الكاتب أحمد سمير فرج.


 هل شعرت أن "ناصرة" تتحكم في حياتك بالحقيقة، وكيف تعودين إلى ذاتكِ بعد الانتهاء من المشاهد العنيفة؟  

في الحقيقة، لم تسيطر ناصرة عليَّ كما يُشاع، أنا أتبع أسلوبًا تقنيًا محددًا في عملي، مع تركيز دائم ووعي حاضر، بحيث أظل مسيطرة تمامًا على مشاعري وأفكاري وجسدي، وكل ما ترونه على الشاشة. 

ما ذكرته يتم بوعي كامل، وفق توجيهات أحمد سمير فرج وملاحظاته، بالإضافة إلى دراستي المتأنية للشخصية وعملي الدؤوب عليها. 

لذا، لا مجال للقول إنها سيطرت عليَّ أو تحكمت بي، فالتمثيل في النهاية ليس سحرًا أو أمرًا خارقًا، بل هو موهبة تُصقل بالتجارب والدراسة والاحتراف.

كيف كانت الأجواء بين فريق العمل؟.. وماذا عن طرائف الكواليس؟

كانت تجربةً لا تُنسى بكل تفاصيلها، كل ما يحدث خلف الكواليس يحمل طابعًا واقعيًا وحقيقيًا، حتى في الأوقات التي تسودها المشقّة أو البرودة، أو خلال المشاهد الطويلة والصعبة، نحن مُنعمون بحظ عَظيم أننا نعمل مع فنانٍ طَيّب القلب مثل حمادة هلال.

هلال إنسان نبيل وَدود، حفظه الله وأدام عليه محبة الناس، إنه شخصٌ هادئ الطباع، لطيف يُقدر الجميع، ويتعامل باحترام مع كل عناصر العمل دون استثناء.

 بل كانت التجربة معه ممتعة بكل معنى الكلمة، رغم أنها المرة الأولى التي نتعاون فيها معًا، لكنني وكما ذكرت من قبل، أرى أن هذا الشخص يجسّد حقًّا معاني الإنسانية والكرم.

ما رأيك في ردود الأفعال على الأحداث وشخصية "ناصرة"؟

فوجئت بحجم التفاعل الكبير على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة مع مشهد "تبريق العين" الذي تحوَّل إلى مادة للسخرية عبر "الميمز" ومقاطع الفيديو الهزلية. 

رغم ذلك، أقدِّر حرية الجمهور في التفسير والتحليل، إذ لا أرى نفسي مُلزَمة بتوضيح ما وراء النص، فعملي كممثلة ينحصر في نقل الشخصية بصدقٍ، بينما يبقى التحليل حقًّا للجمهور. 

لاحظتُ أيضًا تعليقات ساخرة على مشهد "فتح العينين" الذي تسبب في سقوط الشخصيات نيامًا، مما أضفى جوًا من المرح على تفاعلات المشاهدين.

 فكرة "الشعوذة" وعلاقتها بالجن واللعنات التي يناقشها العمل.. هل هي واقعًا أم مجرد دراما؟

أنا لا أُبدي آراءً شخصية في هذا الشأن، في النهاية، لكل شخص الحق في تأويل العمل كما يشاء، وهناك كثيرون يُحلّلون المسلسلَ بدقة، ولهم كامل الحرية في ذلك.

 أما أنا كممثلة، فلا أتجاوز النص المكتوب بين يدي، أو الدور الذي أؤديه، لا أمتلك تحليلات أو تأويلات للنص الذي أقدمه، ولو افترضنا وجودها فليس من حقي أن أُقيد بها خيال الجمهور. 

بل على العكس، أنا أستمتع بكل القراءات والأفكار التي يطرحها المشاهدون، والتي قد تصل إلى تفاصيلَ لم تخطر ببالنا، فيربطونها برموزهم ويُسقطون عليها رؤاهم.


"المداح" وغيره من الأعمال التي تتسم بالتشويق.. هل برأيك قادرة على منافسة الدراما العالمية؟

برأيي، يمتلك "المدَّاح" مقومات المنافسة مع الأعمال العالمية، لا بسبب الميزانية الضخمة، بل بفضل إيقاعه السريع، وحبكته المُحكمة، وتطور الشخصيات بشكلٍ كبير عبر الأجزاء، بالإضافة إلى تفاعل النجم حمادة هلال المميز مع جمهوره.

 هذه العوامل جعلت المسلسل قادرًا على جذب شريحة واسعة من الشباب الذين يتابعون، الأعمال الأجنبية على المنصات الرقمية.

فهو يُعيد إحياء روح المسلسلات الملحمية التي اعتادها الجمهور المصري والعربي في أعمال كبار الكتاب مثل الأستاذ جمال عبد الحميد والأستاذ أسامة أنور عكاشة، ناهيك عن تميز فريق العمل، بدءً من الكُتَّاب المبدعين (أمين جمال، ووليد أبو المجد، وشريف يسري)، وصولًا إلى الممثلين الذين يتمتعون بروح تعاونية عالية.

ما أكثر لحظة في المسلسل أثرت فيكِ شخصيًا كمشاهدة وليس كفنانة؟

 في الحقيقة، لن أستطيع تقديم إجابة واضحة في هذا الشأن، لأنني لا أشاهد العمل بوصفي مُشاهدة محايدة قادرة على الفصل بين ذاتي وتجربة المشاهدة.

فمشاركتي الفنية في العمل (كفنانة وممثلة) تجعلني أندمج في الأحداث بشكل تلقائي، دون قدرة على التباعد الموضوعي الذي يسمح لي بتقييم العمل كأي مشاهد عادي، ربما تتاح هذه الفرصة لاحقًا، بعد المشاهدة المتكررة للعمل، ففي العروض الثانية أو الثالثة قد أتمكن من تذوق العمل بمنظورٍ مختلفٍ.

هل شعرتِ بأي تأثيرات روحية أو نفسية غريبة خلال أو بعد تصوير المشاهد المتعلقة بالجن؟ 

لم أشعر بشئ، وهذه مجرد ادعاءات، لا أساس لها من الصحة، العمل الفني مبني على جهدٍ بشري، وتخطيط دقيق يشمل مئات التفاصيل التقنية: الإضاءة، الكاميرات، الديكور، وأداء الممثلين.

 ما يراه الجمهور من تأثيرات مُثيرة هو ثمرة إبداع الفريق وخيال المُشاهد الذي يكمّل المشهد بأحاسيسه.

 أما وراء الكواليس، فالأجواء مهنية بحتة، ولو حدث أي توتر فسببه البرد القارس الذي كاد يجمد الكادرات، فنحن نعمل في بيئة آمنة ومحكمة، وكل ما يُنسب للخوارق مجرد ضجيجٍ لا يُعوّل عليه، وليس هناك ما يخيف، وإذا صدق المُشاهد بأنأن السحر حقيقي، فهذا يعني أن الفنانين والمُخرج وفريق المؤثرات قاموا بعملهم بامتياز.

هل تؤمنين بوجود قوى خفية أو جنّ في الواقع؟

هذه المعتقدات مذكورة في القرآن الكريم وهي حقائق ثابتة، فنحن مسلمون مؤمنون بما جاء في القرآن، وكل ما ذُكر فيه هو الحق اليقين.

ذكر الجن في القرآن حقيقةٌ لا ريب فيها، وذكر الحسد وغيره من الأمور السلبية التي بيّنها الله تعالى لنا في كتابه؛ هدفها معرفة كيفية حماية أنفسنا منها، وهذا كله من فضل الله تعالى علينا، فالحمد لله رب العالمين أن جعلنا من المؤمنين بكتاب الله، الواعين لوجود هذه القوى والطاقات السلبية - إن صح التعبير - كوجود الجن والعالم الآخر والشيطان، وغير ذلك مما نَص عليه القرآن الكريم وجميع الديانات السماوية.

الشيطان ليس أمرًا وهميًّا، بل هو حقيقةٌ أقرتها الأديان، أما من لا يؤمنون بهذه العقائد، فذلك شأنهم.  

أخيرًا.. ما هي رسالتك لفريق “المداح” وجمهورك؟

شكرًا للجمهور على حُبهم، وزملائي خاصة حمادة هلال وفريق العمل ككل لثقتهم، النجاح ثمرة العمل الجماعي واحترام كل الأدوار، أتمنى لمصر الخير، وللفن العربي إبداعات تُجسِّد رسالته الإنسانية التي تَجمَعنا، وكل عام وأنتم بخير وسعادة. 

تم نسخ الرابط