حكاية أغنية.. كيف أصبحت "المسحراتي" جزءً من رمضان؟‎

المسحراتي
المسحراتي

لكل أغنية حكاية تنبع من تجربة فريدة، تتشابك فيها المشاعر مع الزمن، فتتحول إلى جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية.

 وأغنية "المسحراتي"، التي قدمها الفنان الراحل سيد مكاوي، ليست مجرد عمل غنائي، بل قطعة من التراث الرمضاني الذي يعيدنا إلى أجواء الزمن الجميل، حيث كانت أصوات المسحراتية تتردد في الحارات لتوقظ الناس على إيقاع الطبول وكلمات بسيطة لكنها تحمل عبق التقاليد.

حكاية "المسحراتي".. عندما غنى مكاوي لروح رمضان

وكانت علاقة سيد مكاوي بشهر رمضان علاقة خاصة، فقد نشأ في بيئة شعبية عايش فيها طقوس المسحراتي عن قرب، مما جعله يجسد هذه الشخصية بصدق شديد.

وجاءت فكرة الأغنية بالتعاون مع الشاعر فؤاد حداد، الذي كتب كلمات مستوحاة من روح الشارع المصري، فجاءت بسيطة في تركيبها، لكنها عميقة في تأثيرها.

وحين غنى مكاوي: "اصحى يا نايم، اصحى وحد الدايم"، لم يكن يؤدي مجرد كلمات، بل كان يحكي قصة كل مسحراتي جاب الحارات لسنوات طويلة، مرددًا نداءه بلهجة تحمل دفء القاهرة القديمة.

كواليس التسجيل.. بساطة صنعت الخلود

وعند تسجيل "المسحراتي"، أراد سيد مكاوي أن يحافظ على العفوية التي تميز هذا الطقس، فاعتمد على إيقاع الطبل فقط مع صوته القوي، دون أي مؤثرات موسيقية معقدة.

وجلس في الاستوديو، كما لو كان يسير في أحد الأزقة ليؤدي دوره الطبيعي، فجاء الأداء حقيقيًا، قريبًا من القلب، وكأنك تسمع المسحراتي ذاته يمر تحت نافذتك قبل الفجر.

ولم يكن هذا العمل مجرد أغنية، بل كان بمثابة إعادة إحياء لفن المسحراتي الشعبي في قالب موسيقي يبقى للأجيال، وجاء أداء سيد مكاوي ليجعلها أقرب إلى الإنشاد الصوفي الذي يحمل روحانية رمضان.

 

إرث لا يمحى

مرت العقود لكن "المسحراتي" لم يفقد بريقه، بل أصبح جزءًا أساسيًا من الأجواء الرمضانية، حيث يُعاد بثه كل عام، وكأنه نداء يجمع بين الماضي والحاضر، يعيد إلينا ليالي رمضان القديمة، عندما كان الشارع المصري ينبض بحكاياته الخاصة.

ولم تكن أغنية "المسحراتي" مجرد أغنية، بل وثيقة فنية تحكي كيف يمكن للموسيقى أن تخلّد العادات والتقاليد، وتربط الأجيال بروح شهر الخير.

تم نسخ الرابط