حكاية أغنية "رمضان جانا".. صوت يعلن فرحة الشهر الكريم

كل أغنية تحمل في طياتها مشاعر وأحاسيس تتشابك مع الأحداث التي مر بها صاحبها، وتظل هذه الأغاني خالدة في الذاكرة، وأغنية "رمضان جانا" التي قدمها الفنان الكبير محمد عبد المطلب، أصبحت رمزًا للاحتفال بقدوم شهر رمضان، وتحمل وراءها قصة مميزة جمعت بين الشاعر حسين طنطاوي، والملحن محمود الشريف، ومفارقة غيرت مسار الأغنية.
كيف وصلت الأغنية إلى محمد عبد المطلب؟
في البداية كان من المقرر أن يؤدي المطرب أحمد عبد القادر أغنية "رمضان جانا"، لكنه كان قد قدم أغنية "وحوي يا وحوي" في نفس الفترة.
ووفقًا لسياسة الإذاعة المصرية آنذاك، لم يكن مسموحًا لمطرب واحد تقديم أغنيتين عن نفس المناسبة، مما دفعه للتنازل عن الأغنية لصالح محمد عبد المطلب، الذي حصل على 6 جنيهات مقابل أدائها.
كلمات ولحن يجسدان روح رمضان
وكتب الشاعر حسين طنطاوي كلمات الأغنية بأسلوب بسيط لكنه معبر عن الفرحة التي تعم القلوب عند قدوم الشهر الكريم.
أما اللحن الذي قدمه الموسيقار محمود الشريف، فجاء إيقاعيًا مبهجًا، يعكس روح الاحتفال ويحفز الأجواء الرمضانية، مما جعل الأغنية محفورة في ذاكرة الأجيال.
نجاح الأغنية وتأثيرها
ورغم أن الأغنية طُرحت في 2 رمضان 1362هـ، الموافق 2 سبتمبر 1943م، وسط أجواء الحرب العالمية الثانية، حيث كانت الحياة الاقتصادية والفنية تعاني من الركود، إلا أنها حققت نجاحًا كبيرًا، وأصبحت أيقونة رمضانية تتردد كل عام في مصر والعالم العربي.
وحتى أن محمد عبد المطلب وصف أهميتها ذات مرة بقوله: "أغنيتي أهم من بيان المفتي".
إعادة تصوير الأغنية وإرثها الممتد
وفي السبعينيات تم إعادة تصوير الأغنية بتوزيع موسيقي جديد، حيث ظهر عبد المطلب بالجلباب البلدي، محاطًا بمجموعة من الفتيات يحملن فوانيس رمضان، مما أضاف بعدًا بصريًا جعلها أكثر ارتباطًا بالمناسبة.
وبعد مرور أكثر من 80 عامًا على إصدارها، لا تزال أغنية "رمضان جانا" تتصدر قوائم الأغاني الرمضانية، معلنةً بفرح قدوم الشهر الكريم، ومؤكدة أن الإبداع الحقيقي لا يموت، بل يستمر في رسم البهجة في قلوب الناس عامًا بعد عام.