وقف الخلق ينظرون جميعا كيف ابني قواعد الفن وحدي!

أم كلثوم
أم كلثوم

يقدم الدكتور حامد عبد الله قراءة مختلفة  عن أم كلثوم، حين تحل ذكرى كوكب الشرق الخالدة أم كلثوم، في فبراير من كل عام نقف مشدوهين أمام إنجاز فاق الخيال والأحلام.

 

منحها الله صوتا معجزا لم يحظ به جميع مطربي ومطربات القرن العشرين باستثناء واحد فقط هو محمد عبدالوهاب، فكليهما وحدهما امتدت مساحة صوتهما لتغطي عدد
إثنين أوكتاف باعتبار أن كل أوكتاف هو المسافة بين درجة دو في البيانو مرورا بثمانية أصابع إلى درجة دو التي تليها، في حين اقتصر حظ جميع السابقين واللاحقين لهما على أوكتاف واحد فقط، ولكن هل تكفي الموهبة فقط؟.

 

سيذكر لها التاريخ أنها شكلت وعبدالوهاب عمودين تأسس عليهما وحدهما أعظم بناء للموسيقى  والغناء في القرن العشرين وماتلاه، و يكفي أن نذكر أنها بدأت معه في عصر، هات الإزازة واقعد لا عبني، وسلما راية الفن برائعتهما الخالدة أغدا ألقاك، بعد أن تجاوز عمر كليهما سبعين عاما فكيف كان ذلك؟.

 
احترمت نفسها وقدرت فنها فكانت في حياتها الشخصية مثل راهبة في محراب فنها، وقدرت فنها وجمهورها فكرست حياتها لهما ترتقي بالمشاعر والأحاسيس وتنتقي الكلمات للشعراء: شوقي وحافظ ورامي وبيرم والخيام والشناوي وتقتطف من ألحان العظماء زكريا والقصبجي والسنباطي والموجي والطويل ومكاوي، وانظر إلى أية حفلة غنائية لها كملكة متوجة خلفها في البدل الأوبرالية عظماء من نوعيةالقصبجي والحفناوي وصالح وفاروق سلامة وخورشيد وهاني مهنى بعد أن منحهم أستاذهم عبدالوهاب اللقب الغالي، عازفين، بدلا من لقب، الآلاتية، المهين.

 
وانظر إلى جمهورها من الباشوات والهوانم المحترمين، لتعرف كيف ارتقت بنا جميعا و بفنها إلى أعلى عليين.


لقد لعبت أم كلثوم مع رفيق دربها عبد الوهاب في القرن العشرين دورا استثنائيا مزدوجا لا يقوم به إلا الأفذاذ النادرين، أولا في تأسيس فن الغناء في القرن العشرين وماتلاه ثم في تطويره وتجديده، ولكن عبدالوهاب سبقها في التجديد بسنين، وقد يكون ذلك من الأسباب التي أخرت لقائهما الفني الذي انتظره الملايين، إذ خشيت من طغيان موسيقاه الجبارة على صوتها وهو ماحدث فعلا بلقائهما في “أنت عمري” لقاء السحاب.


وسوف يذكر لها التاريخ أنها اتجهت إلى التجديد الموسيقى بالعقدين الأخيرين من عمرها الفني خاصة بعد أن أثر الزمن تأثيره المحتوم في صوتها الجميل فلجأت إلى الشاب العبقري بليغ حمدي ومن بعده رفيق دربها عبدالوهاب فمنحاها هذان العبقريان عمرا فنيا فوق عمرها لعشرات السنين، سلام عليك في الخالدين، يا كوكب الشرق الجميل الذي أضاء أيامنا كشمس الأصيل وعشنا معك السعادة كل ليلة وكل يوم عندما “يرق الحبيب”، وعرفنا معك “الحب كله”، وأسرار “أهل الهوي”، حتى “مرت الأيام” فصرنا
نبكي معك على “ذكريات”، و"أطلال" الزمن الجميل.

 

تم نسخ الرابط