حكايات سيما 11.. فاروق الفيشاوى: نجلاء فتحى من أوائل الممثلات اللاتى آمن بموهبتى

 في حوار قديم لي معه قبل رحيله بحوالي عام، كشف لي النجم الكبير الراحل فاروق الفيشاوي، عن سر تعلقه بالسينما، علي الرغم من إنه تخرج في كلية الآداب قسم لغات شرقية، لكنه أصر علي دخول معهد فنون مسرحية، و كان متمزا بين أبناء دفعته من بينهم علي سبيل المثال سامي العدل، عمادر شاد، اسماعيل محمود، و جدي العربي، يوسف رجائي، محسن حلمي، محسن فكري، أحمد سخسوخ.
قبل دخوله عالم السينما، كانت بدايته الحقيقية في التليفزيون من بوابة المخرج الكبير "نور الدمرداش" بمسلسل حمل اسم "المماليك"، لعب فيه الفيشاوي دور "أيبك بن مبروك"، الغريب في هذا المسلسل كان علي جزئين الأول إنتاج 1979  بالأبيض و الأسود، و الثاني عام 1980  بالألوان، ثم قدمت مسرحية مع صاحب الفضل علي و معلمي الأول عبد الرحيم الزرقاني، حملت اسم "طائر البحر" لتشيكوف كاتب القصة القصيرة الروسي العظيم، كتب لي أستاذ "علي الزرقاني"علي ظهر صورة "إن الشئ المهم بالنسبة إلينا سواء كنا ممثلين، مؤلفين، رسامين، ليس سوي هو التألق إنما هو القدرة علي الاحتمال "، ثم ذيلها بكتابة في ذكري اشتراكنا معا في مسرحية طائر البحر لتشيكوف و التي حققت نجاحا شهد به الجميع.
قال الفيشاوي، إن مشواره  مع السينما، بدأ بفيلم الباطنية، مع فريد شوقي، و محمود ياسين، و هذا الفيلم كان بعد مسلسله "بابا عبده" مباشرة، الذي لعب فيه دور الابن العاق و في نفس العام،  يقول الفيشاوي: قدمت دوري المميز في فيلم " المشبوه "، مع عادل إمام وسعاد حسني، المخرج سمير سيف، حاولت أعتذر عن الفيلم بسبب نجومية عادل إمام الكبيرة، خاصة إنني كنت أقدم في التليفزيون شخصيات "جافة و حادة"، لذا لم أكن أحب أن أكرر نفسي في السينما، و الناس "تكرهني " فاعتذرت لكن أقنعني بهذا الدور، و قال لي "مش شايف حد غيرك فيه، و تأكد أن هذا الدور سيفرق معك سينمائيا كما أن الجمهور هيصقف لك في السينما "، و قد كان.
أما عن المخرج عاطف الطيب، يقول الفيشاوي: من أرق الشخصيات الذين تعاملتهم سينمائيا، الموت خطفه منا، فهو كان ملئ بالطموحات السينمائية، لكن القدر لم يمهله، أنا استمتعت بالعمل معه، أحببت دوري جدا في فيلمه " كشف المستور" علي الرغم من صغره لكنني قدمته حبا في  عاطف الطيب.
نفي الفيشاوي ما يشاع عن الوسط الفني أنه شللية، مؤكدا أنه لم يكن ينتمي لشلة معينة، و لم يشعر أنه مستبعد من قبل أحد، و عمل مع جميع المخرجين مثل أحمد السبعاوي، و محمد خان و نادر جلال، و حسين كمال، و سعيد مرزوق، و عاطف الطيب، و علي عبد الخالق، لو كان هناك شللية كنت ركزت مع مخرج واحد فقط، لذا لفظ الشللية لا أؤمن به، و الدور ينادي صاحبه، كما يقولون، مثلا أنا استغربت من المخرج حسين كمال عندما طلب مني أن ألعب دور البطولة في فيلم "ديك البرابر"  و الدور بعيدا تماما عني، حينما قرأت السيناريو، سألت "حسين"، اشمعني أنا، فقال لي: "خلف ده جميل جدا، أنا بحبه، و عايز الناس كلها تحبه علشان كده اخترتك".
أما عن المخرج الكبير الراحل حسين كمال، يقول الفيشاوي: من أجمل المخرجين الذين تعاملت معهم في حياتي، و من أشكيهم أيضا، ففي فيلم " أرجوك أعطني هذا الدواء "، مع نبيلة عبيد، كنا نجري بروفات، و قبل التصوير "لازم يشوف البدلة التي ارتديها، علي سنجة عشرة "كما يقولون"، و من قبله في فيلم ديك البرابر عاد مشهدا حوالي 17 مرة كي لا يري ترابا علي ترابيزة السفرة، كان مخرجا جميلا يحب الجمال، كان رجلا أنيقا، بمعني الكلمة، و يهتم  جدا بالتفاصيل.
عن السر وراء انتاجه فيلم "استغاثة من العالم الآخر"، يقول الفيشاوي: أعجبت جدا بسيناريو الفيلم، و كنت مؤمنا بمخرجه محمد حسيب، علي الرغم من أنه "بتاع تيترات" كما يقولون، لكنني كنت أراه كمخرج متميز جدا، المهم " لفيت أنا و حسيب" بسيناريو الفيلم علي منتجين كتير رفضوه، فقررت أنتجه أنا في الآخر، اعتبروا الفيلم غريبا، ثم قدمت معه فيلم "الكف".
يستكمل الفيشاوي كلامه عن الإنتاج السينمائي، قائلا: أنتجت أيضا فيلما لمحمد خان ألا و هو فيلم "مشوار عمر"، عن فكرة لمحمد خان و الكاتب الكبير رؤوف توفيق، تركا لي 50 مشهدا ثم قالا لي: "عايزينك تعمل ده بس مش معانا منتج" لم أرغب وقتها بتكرار تجربة فيلم "استغاثة من العالم الآخر"، و ألف علي المنتجين لذا قررت إنتاجه، و أحكي لك موقفا طريفا عن محمد خان قال لي "تعالي شوف نسخة الفيلم النهائية قبل وضع الموسيقي التصويرية و هذه الأشياء، قبل أن أدخل العرض مسك إيدي و قال لي " أنت هنا منتج فتقول لي رأيك علي هذا الأساس مالكش دعوة بالتمثيل " ، كان مخرجا كبيرا ، رجل سينمائي من طراز خاص.
أما عن أول فنانة شجعته كممثل، و ذوبت كل الخوف بداخله من الكاميرا ، قال فاروق الفيشاوي:  نجلاء فتحي، دعني أحكي لك موقفا أقوله لأول مرة ، في أول يوم تصوير لي بفيلم "غدا سأنتقم"، كان تحديدا سنة 1983، جاءت "نجلاء" الاستديو، سألت عني قائلة: " فين فاروق"، و حينما قابلتها ظلت تقول لي كلاما جميلا عن موهبتي، و حكت لي أنها أخبرت الكوافير بتاعها إنها "هتمثل" مع الوجه الجديد " فاروق الفيشاوي"، تلك الكلمات أزالت الرهبة بداخلي لأنها كانت و مازالت نجمة كبيرة، و من وقتها صرت صديقا لها، وحينما تم تكريمها بمهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، أسرعت للذهاب للوقوف بجوار لواحدة من أجمل نجماتنا في السينما حتي و إن لم تحضر التكريم، ومن أوائل الذين آمنوا بي و بموهبت، " عارف حينما طلبتني أطلع معاها كضيف شرف بفيلمها الشهير "المرأة الحديدية" لم أتردد لحظة، علي الرغم من انشغالي وقتها بتصوير 4 أفلام  دفعة واحدة، لكن رغم انشغالي الكبير ذهبت حبا فيها، كما أري أن تتويج علاقتنا سينمائيا كانت بفيلم الجراج، لعلاء كريم الله يرحمه،  كما أن أختها ووالدتها كانتا من جيراني بمنطقة المهندسين، وكانتا من ألطف الناس الذين التقيت بهم في حياتي.