حكايات سيما 9.. من مذكرات سمير سيف التي ستنشر قريبًا في كتاب: هربت من كلية الاقتصاد و العلوم السياسية للسينما وافقت أن يجروا لي عملية لاستئصال اللوزتين مقابل مشاهدة فيلم بالسينما

لم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره حينما وقع في سحر السينما أو الفن السابع.. إنه سمير سيف المخرج الكبير صاحب البصمات الكبري في السينما المصرية مثل "الغول"، و"المشبوه"، و"شمس الزناتي"  و"الهلفوت" و"المولد" و"مسجل خطر" و"النمر والأنثي" و"احترس من الخط" لعادل إمام،  و"معالي الوزير" لأحمد زكي، و"غريب في بيتي" و"المطارد" و"آخر الرجال المحترمين" لنور الشريف، و"الراقصة والسياسي" لنبيلة عبيد، و"سوق المتعة" لمحمود عبدالعزيز وغيرها من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، وافق د/ سمير سيف علي كتابة مذكراته معي، وهذا الجزء من الحلقات التي ستنشر قريبا في كتاب، أخبرني "سيف" كيف وقع في غرام االفن السابع، حيث عاد فلاش باك بلغة السينما إلى مرحلة الطفولة قائلا: عشقت السينما منذ طفولتي، وكان هذا الأمر غريبا بعض الشىء لأنني نشأت بين أسرة لا تتردد علي السينمات أو دور العرض، لكن خالي الذي توفي منذ فترة قصيرة، الله يرحمه، هو السبب الرئيسي الذي جعلني أقع في غرام السينما، فهو جاء من محافظة أسيوط لدراسة الطب بالقاهرة، ونقل محل إقامته لمنزلنا، وكان يهوي السينما بشكل كبير، وكان دائما يأخذني معه، وكان عمري وقتها 4 سنوات، وأذكر لك شيئا غريبا ولطيفا، في طفولتي عانيت من متاعب صحية احتار فيها الأطباء، فقال خالي لوالدتي إن هناك طبيبا أجنبيا أتي لزيارة كلية طب عين شمس، واقترح عليها أن أذهب معه كي يعرضني على هذا الطبيب، الذي قال لهم يجب استئصال اللوزتين، ورفضت إجراء العملية بشدة وظللت أبكي، لكنهم نجحوا بإقناعي في النهاية، أخبروني أنني سأذهب للسينما بعد إجراء العملية مباشرة، ووافقت علي إجراء العملية، هذا من المواقف التي لا أنساها أبدا.

ويستكمل المخرج الكبير سرد ذكرياته: السينما كانت الإغراء الوحيد بالنسبة لي، ومنذ ذلك الوقت وأنا دائم التردد علي السينما، ووقتها عرض فيلم "صراع في الوادي" ليوسف شاهين، هذا الفيلم كاد أن يصيبني بالجنون، أحببته جدا وتعلقت به، شاهدته مرات كثيرة لا أستطيع عدها من كثرتها، وهناك شخص مهم جدا في حياتي وهو جدي، كان وقتها من أرباب المعاشات، وكان يأخذني معه إلي القهوة وأكتب له خطابات أحيانا وأطلب منه الذهاب للسينما، يوافق ويظل يلعب طاولة مع أصدقائه وينتظرني، حتي أخرج من الفيلم، أقصد من كلامي أن خالي وجدي أثرا في بشكل كبير وجعلاني أحب السينما، وأحكي لك أيضا موقفا طريفا.. كان مسموحا لي بمرة واحدة في الشهر أدخل فيها السينما، لكنى طبعا كنت "بزوّغ"، و أروح عدة مرات.

وعن الأفلام  التي تأثر بها في طفولته، يقول: كل أفلام عبد الحليم حافظ في ذلك الوقت، مثل "أيام وليالي"، و"أيامنا الحلوة"، و"لحن الوفاء"  وغيرها من الأفلام الغنائية لأنه كان نجما كبيرا ليس له مثيل، وأفلام فريد شوقي مثل "رصيف نمرة 5"، و"حميدو"، كان وقتها ملك  الترسو.. ومن المفارقات الكبيرة في حياتي، إنني اشتغلت معه 3 أفلام من إخراجي، ثم قصة حياته تليفزيونيا، وقرار دخولي السينما كان مبكرا جدا في الصف الثاني الاعدادي تقريبا، حينما وقع في يدي كتابان تمت ترجمتهما ببيروت عن السينما: الأول كان عنوانه "كيف تصنع الأفلام؟"، وآخر اسمه "تاريخ السينما في العالم"، وهذان الكتابان جعلاني أدرك أن هناك شخصا عظيما اسمه "المخرج"، هو من يفعل بالمشاهدين كل هذا السحر، وأن الفيلم ليس قصة وأبطالا فقط، ومن وقتها قررت أن أكون هذا الشخص الساحر.