بين الواقع والتمثيل بيتر ميمى ينسج ملحمة "الإختيار"

 

عرض لنا مسلسل" الاختيار 2" بطولات الشرطة والأجهزة الأمنية فى مواجهة الجماعات الإرهابية، فى الفترة عقب د ثورة 25 يناير وصولاً الى ثورة 30 يونيو وما بعدها، وعندما نفكر فى تقديم عمل أحداثه تدور فى التاريخ القريب، الذى نمسكه بأيدينا ويجرى فى الشارع، هو الأصعب، فهو لا يزال يتشكل، وكل منا يراه من منظوره، ويأتي هنا دور المخرج فى توحد الرؤية، ولا يستطيع أحد أن يتجاهل الوثيقة، بل يضعها فى سياقها، ويمنح المتلقى الحرية فى التفسير، وهو ما حققه "بيتر ميمى" من خلال المزج بين المشاهد حقيقة لكل العمليات والأحداث فى هذا الوقت مع المشاهد التمثيلية مما أعطى للأحداث مصداقية، وكان من أهم الحلقات التى حدث فيها ذلك كانت التى عرضت فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، فالوثائق والمشاهد الحية التى تم عرضها كانت مصورة بأيدِ من كانوا هناك، وهذا ما لا يجعل هناك مجال لاتهام العمل بالانحياز أو تزييف الحقائق.

ولم يتوقف إبداع بيتر ميمي، عند هذا الحد، فالعمل لم يقتصر على عرض الجانب المهنى الذى يقوم به رجال الشرطة بل أظهر الجانب الإنساني لهم، وهذا ما منح الصورة نبض الحياة، وحصل من نجميه كريم عبدالعزيز وأحمد مكي على أصدق لحظات التعبير،  وهذا ظهر بوضوح فى مشاهد "زكريا" الشخصية التى يقدمها كريم عبدالعزيز مع زوجته وبناته الذى تمكن أن يظهر فيها مجموعة من المشاعر مزج فيها بين الحب والقلق وخفة الدم، وكذلك فى المشاهد التى تجمع بن "يوسف"  الذى يقدمها أحمد مكى و"عاليا" التى تجسدها أسماء أبو اليزيد التى أصبحت واحدة من أقوى علاقات الحب التى عرضت على الشاشة فى الفترة الأخيرة، فجمع بيتر ميمى كل هذه التفصيل دون أن تشعر للحظة بملل أو مط فى الأحداث، كما أنه أظهر كل الممثلين الذين شاركوا فى العمل بشكل جديد خصوصًا أحمد مكى الذى اعتاد الجمهور عليه ليكون هذا الدور بمثابة إعادة اكتشاف له، وكل هذا يدل على اننا أمام واحد من جواهرجية الفن فكل شيء عنده بحساب.