رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
رئيس التحرير
عمرو صحصاح
رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
رئيس التحرير
عمرو صحصاح

قصة الهجاء من جرير والفرزدق وشوقي وحافظ إلى "أسدك هبشته قطة"‎

لطالما حظي الهجاء في ألوان الفن المختلفة بقاعدة عريضة من الجماهير، ولا يجب أن تنتمي إلى أحد صفوف المتبارزين بالقطع الفنية لتستمتع بما يحدث من قول ورد عليه، فقط ينبغي أن تكون متذوقًا لهذا النوع الخاص من الكلمات اللاذعة الذي يستهوي الشعراء والجمهور على حد سواء.
لماذا نكتب عن الهجاء اليوم؟، ربما لأن الحرب الطاحنة التي أطلق شرارتها محمد رمضان، قد وصلت أخيرًا إلى ساحة الغناء، فبعد محاولات عديدة من أهل الفن للرد على اللهجة التي اتخذها رمضان شعارًا له في الفترة الأخيرة مثل اعتبار نفسه رقم 1 والملك والأسد دون منافس.
قررت بشرى، خوض غمار تجربة الانتقام بنفس الطريقة وفي نفس الميدان فتسلحت بالموسيقى والكلمات ووجهت نقد لاذع لرمضان بكلمات أغنيتها الأخيرة "كوبرا"، والتي تقول فيها " "لو فاكر نفسه إنه لوحده جوه النادي، ده ملوك كتير دخلوا قبله من سنين، كل الكلام يا عيني قاله على الفاضي، ده محصلش رقم 70، هلا هوبا أسدك يابا هبشته قطة،ملك الغابة لدغته كوبرا".  
الهجاء ليس بالأمر الحديث بل أنه يعود تاريخيًا إلى عصور أقدم من جميع الآلات التي اساخدمتها بشرى للغناء واستخدمها أحمد يوسف، لكتابة كلمات أغنيتها، ويكفي أن نذكر اسم "جرير" لنعود بالزمن إلى ذلك الجدال الشعري الذي مر علينا في دراستنا بينه وبين "فرزدق" واستمر حتى موت الأخير، اشتهر بينهما نمط من الشعر يسمى بـ"النقائض"، والنقائض هو لون من ألوان الهجاء، وهو الفن القديم في الشعر العربي الذي يحط من شأن الآخر، ويستصغر مكانته، ويبين مثالبه، ويكشف عيوبه. ونذكر من نقائض الشاعرين قول جرير: "زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا، فابشر بطول سلامةٍ يا مربعُ، إنَّ الفرزدقَ قدْ تبينَ لؤمهُ، حيثُ التقتْ حششاؤهُ والأخدعُ"، ومما قال الفرزدق مناقضًا جريرًا ومفاخرًا: "إن الـذي سمـك السـماء بـنـى لَنَا، بَيْتُا، دعاـمه أعـز وَأطْـوَل، بيـتًا بناه لَنا الملـيك، ومـا بـنى، حـكـم الـسـماء، فـإنه لا يـنـقَـل". 
الحروب بالفن.. من قديم الازل 
الحروب "بالفن" استمرت حتى في العصر الحديث، ولعلنا نتذكر تمامًا تلك الأبيات التي أضحكتنا حينما سطر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم معركتهم بحروف غنية بالكوميديا اللغوية العظيمة، فبدأت الحكاية عندما كان يريد "حافظ"، أن يداعب "شوقي"، ولكن رد الأخير كان جارحًا. 
وفي إحدى ليالي السمر أنشد حافظ إبراهيم، بيتًا من الشعر، ليستحث "شوقي" على الخروج عن رزانته المعهودة: عندما قال: يقولون ان الشوق نار وحرقة.. فما بال شوقى اليوم اصبح باردا، فيرد عليه شوقى ويقول: " حملت إنسانا وكلب أمانة.. فخانها الإنسان والكلب حافظ"، وليس فقط ذلك فالحرب "بالفن" مستمرة ايضًا مع أهل الأدب، يحكى أن أبو الطيب المتنبي، التقى في يوم بعبد أسود، فقال له : "ما اسمك يا رجل ؟ .. فقال: "زيتون .. فقال "المتنبي" له: "سمّوك زيتونًا وما أنصفوا .. لو أنصفوا سمّوك زعرورا..لأن في الزيتون زيتًا يضيء .. وأنت لا زيتًا ولا نورا"، فأجابه الرجل على الفور : "يا لعنة الله صبِّي على لحية المتنبِّي.. لو كان المتنبِّي نبي لكان القردُ ربي". جرت العادة على ترك الحكم للجمهور في اللحظة التي يتبارى فيها إثنان فنيًا، وهكذا سوف تظل الأمور دون الحكم على الفوارق ما بين نقائض جرير والفرزدق وهجاء شوقي وحافظ و"هبشة" بشرى لمحمد رمضان.