عاش بفيلا يسكنها الأشباح وتعرض لأزمات حادة بعد وفاة زوجته.. أسرار في حياة الراحل عزت أبو عوف

ولد عزت في 21 أغسطس من عام 1948، في الزمالك في عائلة فنية بامتياز، فوالده هو الموسيقار أحمد شفيق أبو عوف، تخرج في كلية الطب، ولكن يبدو إنه كان يحمل جينات الموسيقى من والده، فأقنع "عزت" والده بدخوله لهذا العالم، وبالفعل أصبح عضوا في فرقة "بلاك كوتس" وكانت فرقة شهيرة وقتها لكن تم حلها، ثم أسس مع شقيقاته الأربع، فرقة "فور إم" التي ساهمت في شهرته وحققت الفرقة نجاحا باهرا في الثمانينيات، وقدم الألحان والموسيقى التصويرية للعديد من الأعمال الفنية، ثم اتجه للتمثيل بدايةً من فيلم "أيس كريم في جليم" في عام 1992.

دائماً ما كان يحكي أبو عوف عن وجود شبح الرجل اليهودي "سلفادور شيكوريل" الذي كان يسكن فيلتهم، وذكر في أحد حكاويه إن والده اشترى الفيلا بناءً على رغبة والدته، وأوضح إن والده لم يكن يصدق حكاياته هو وإخوته وجدته عن ظهور شبح سلفادور، خاصة أن والده ضابط شارك في كثير من الحروب، واعتاد على مشاهدة أصدقائه يموتون إلى جواره، وقلبه كان جامد، وكان والده يردد دائما (خليه يطلعلي كدا)، لكن الأمر تغير عندما ظهر له سلفادور بالفعل.

وحكى "أبو عوف" في أحد البرامج: "في يوم كانت الأسرة بأكملها تقضي فترة الصيف في الإسكندرية، بينما الأب وحده في المنزل، يصوغ لحنا جديدا، ولكنه نسي أن يفتح المسجل، فقرر الذهاب للمطبخ لإحضار كوب من الماء، وعند عودته سمع اللحن يصفر في ودنه، لكن لم يأت في باله أن من يكمل له اللحن هو سلفادور نفسه".

وتابع: "عاد والدي للعزف مرة أخرى وبدأ يسجل اللحن، وعندما شعر بالتعب قرر أن يخلد للنوم، فدخل غرفته وقبل أن ينام وجد خيطا يدخل من خرم الباب، وبدأ يكبر ويتشكل على هيئة وجه، هو وجه سلفادور، وأخذ يقترب من وجهه حتى أصبح في مواجهته تماما، وهز له رأسه كأنه يقول له أنا أهو، فخرج والدي يجري من البيت وجاء إلى الإسكندرية بملابس البيت".

كان يحب زوجته "فاطيما" حد العشق، فقد اتسم "الدكتور" بالوفاء النادر، استمر زواجهما لأكثر من أربعة عقود، لم تخرج قصة حبهما إلى النور إلا بعد وفاتها؛ وبعد أن انقلبت حياته رأسا على عقب عندما جاءه خبر وفاتها وبالتحديد أوائل صيف 2012، إذ كان عزت أبو عوف جالسًا في الاستديو الفني، ويستعد لتصوير مسلسل «الصفعة»، لكن القدر صفعهُ بخبر وفاة زوجته، ماتت «فاطيما»، فتحوّل «أبو عوف» إلى جسد بدون روح، وتدهورت حالته الصحيّة، إثر إصابته بانهيار عصبي، ودخل المستشفى لمدة 4 شهور، وبعد خروجه أُصيب بفيروس في أذنه الوسطى، وتعرض لعدد من المشكلات الصحية انتقل على إثرها إلى 3 مصحات نفسيّة لتلقي العلاج، كما تعرض إلى تعب في شرايين القلب.

وظل "أبو عوف" يرتدي خاتم الزواج حتى بعد فراقها، موضحاً إن ذلك يذكره بها و"يشعر بونس روحها"، و تأثره بهذا ظهر جليا أيضًا في تقديمه لآخر دورة له بمهرجان القاهرة السينمائي، عندما نظر للكرسي الذي كانت تجلس عليه زوجته «فاطيما» كلّ عام ووجد شخصًا آخر يجلس عليه فبكى دون أن يخجل من نظرات التعاطف في عيون الحاضرين، ورغم زواجه من مديرة أعماله "أميرة"، إلا أن ظلت "فاطيما هي الحب الوحيد في حياته.

لم ينكر أحد أنه أبو الشباب رغم أنه كان مازال شابا، لكنه كان واقف بجانب العديد من النجوم، مثلما قدم فيلم إسماعيلية رايح جاي، الذي قدم فيه الفنان الشاب محمد فؤاد لأول مرة، إنتاج وتوزيع أفلام النصر، أفلام حسن إبراهيم وشركاه وموسيقى تصويرية ليحيى الموجى وسيناريو وحوار أحمد البيه إخراج كريم ضياء الدين، بطولة مجموعة كبيرة من الشباب وقتها مثل محمد هنيدي وحنان ترك خالد النبوي، حمدي غيث، يقدم نفسه لعزت أبو عوف (يظهر بشخصيته الحقيقية)، فينضم لفريقه الغنائي ويواصل مشوار النجاح.

قدم عدد من الأعمال الشهيرة بين الكوميدي والدرامي والأعمال المثيرة للجدل، منها عيش الغراب وامرأة فوق القمة، الآخر، الأجندة الحمراء، أرض الخوف، والعديد من الأعمال غيرها، مثل بونو بونو مع نادية الجندي وياسر جلال ومحمد مختار، يدور حول يودع “أدهم” زوجته “ناهد” في مستشفى الأمراض العقلية بعد أن اكتشفت سره في عمليات شراء أجهزة ملوثة للغسيل الكلوي، تقرر ناهد الهروب من المستشفى بعد أن حصلت على المستندات التي تدين زوجها أدهم، وتتنكر ناهد في زي الرجال، تركب تاكسي يقوده “يوسف” وهو شاب شبه مخمور، لتبدأ رحلة البحث عن الحقيبة المفقودة التي بها المستندات ومع توالي الأحداث يتم الوصول إلى الحقيبة، ويقبض على أدهم الذي أراد بفعلته هذه أن يدمر وطنه. 

بعد الكثير من السنوات أصبح لا يوجد فيلم شبابي إلا ويوجد فيه بدور الأب أو رجل الأعمال المسيطر، أولها مطب صناعي مع أحمد حلمي في دور رجل أعمال لديه بنت واحدة صغيرة يقوم بإنقاذها أحمد حلمى، ويصاب بغيبوبة تبعده عن ابنته ليقوم أحمد حلمي برعايتها، أيظن الفيلم الكوميدي أيظن، في دور كوميدي، ثم ظهر في بطولة ثانية مع تامر حسني في عمر وسلمى، بطولة الفنان تامر حسني والفنانة مي عز الدين، تدور قصة الفيلم عن شاب ضائع في الحياة وتبدأ حياته بالبناء عندما يقابل فتاة، الفيلم من إخراج أكرم فريد الفيلم الذي أثار ضجة من ملصق الفيلم، حيث قيل أنه مشهد غير لائق لـ"تامر ومي"، وقال نبيه الوحش أن ملصق الفيلم مستفز للدرجة التي تخدش حياء الأسرة المصرية والهدف من هذا المنظر القبيح هو لفت نظر المراهقين.

من الأعمال الذي قدمها الأكثر شهرة ومثير للجدل "فيلم حسن ومرقص"، يتناول الفيلم الوحدة الوطنية تحديداً العلاقة بين المسلم والمسيحي من خلال رجل دين مسيحي “بولس” يحارب المتطرفين المسيحيين، حيث يبتكر الفيلم أنه يهدد بالقتل، يهرب ويمنحه الأمن اسماً آخر “حسن العطار، وعمر الشريف الذي يأخذ عزاء أخيه الذي كان ينتمي إلي جماعة إسلامية متطرفة، فيأتي إليه في العزاء أعضاء هذه الجماعة ويخبرونه أن أخيه أوصى قبل مماته أن يتولى هو إمارة الجماعة، يرفض ويتعرض للاغتيال، فيهربه الأمن أيضا مانحينه اسماً مسيحيا “مرقص عبد الشهيد“، يلتقي حسن ومرقص في رحلة هروبهما وتتكون صداقة بينهما وقد نجح الفيلم في تناول العلاقة المسيحية المسلمة في مصر. 

الفنان الكبير عزت أبوعوف، رحل عن عالمنا في الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين 1 يوليو 2019، عن عمر يناهز 71 عامًا، بعد صراع مع المرض، إذ دخل في غيبوبة بعد مضاعفات مرض القلب، وتم تشييع جثمانه في اليوم نفسه من مسجد السيدة نفيسة بحضور نجوم الفن.